وفق مقاييس الجغرافية والاستراتيجية والأهمية والمنطق، تُعَد محافظة حلب السورية أهم بكثير من مدينة عين العرب السورية، ومع هذا نجد أنّ قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا تجنِّد طائراتها وتركِّز كل اهتماماتها لكسب معركة عين العرب ضد قوات داعش، فيما تترك حلب تواجه مصيرها القاتم في حربها ضد قوات بشار الأسد، الذي استعان بمليشيات حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ومليشيات جبهة النصرة التي لا تقل تطرُّفاً وإرهاباً عن قوات داعش، فمع مرور أكثر من شهرين على الحملة الدولية على داعش والتي جنّدت لها كل الإمكانيات، لم تحرز أي تقدم يُذكر، سوى أنها أتاحت لقوات بشار الأسد، ومن يحارب معه من خارج سورية من مليشيات طائفية لبنانية وعراقية وقوات الحرس الثوري الإيراني، أتاحت لهم المجال لزيادة إجرامهم بحق الشعب السوري، حيث تكثّفت هجمات قوات بشار الأسد ضد محافظات الرقة ودير الزور وحلب، وسقط مئات الضحايا من السوريين، وكأنّ قوات التحالف قد حفّزت بشار الأسد لزيادة إجرامه فزادت غارات الطيران الحربي، وتضاعفت عمليات إلقاء البراميل المتفجرة من قِبل الطائرات المروحية التابعة للنظام، مستفيدة من انشغال الثوار السوريين بما يجري من مواجهة بين إرهاب داعش، وغارات التحالف الدولي.
السوريون وحتى العراقيون الذين رحبوا بتدخل المجتمع الدولي لوضع حد لإرهاب داعش، يستغربون أن يجري التركيز على نوع واحد من الإرهاب، وترك الإرهاب الآخر الذي يزدهر ويتمدّد بسبب الانشغال باتجاه واحد، ومثلما يضم تنظيم داعش مقاتلين أجانب، فإنّ الإرهاب الطائفي في سوريا يضم مقاتلين وجيوشاً أجنبية، إذ تقاتل إلى جانب جيش بشار الأسد، مليشيات طائفية غير سورية، من العراق ولبنان وإيران وباكستان والهند وأفغانستان، والذين يتحدثون عن وجود أجانب يقاتلون مع داعش والنصرة، وحتى الثوار السوريون، باستطاعتهم أن يرصدوا وجود مقاتلين أجانب يحاربون لإبقاء بشار الأسد رغم رفض الشعب السوري، ويشاركون في قتل مئات الآلاف من السوريين، وإذا عجزت مراكز الرّصد عندهم، فإنّ أرقام القتلى من جنود الحرس الثوري الإيراني وجنرالاته، ومقاتلي حزب الله اللبناني، والمليشيات الطائفية العراقية، تفضح التدخل الأجنبي الطائفي في سورية، والتدخل الإيراني والطائفي في سورية لا يحتاج إلى كثير من الأدلة، فالمجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، يعلمون أنّ نظام إيران يعمل كل شيء للإبقاء على نظام بشار الأسد، بل يضغط على أنظمة ودول أخرى للمشاركة في مساعدة نظام بشار الأسد، ومع هذا يتجاهل المجتمع الدولي والدول الغربية بالذات هذه المشاركة، في حين يتحدث كثيراً عن المشاركة الأجنبية في المليشيات الإرهابية الأخرى، وكأنّ أجانب إيران ولبنان والعراق وباكستان والهند من طينة أخرى غير طينة الأجانب الذين يحاربون مع الجماعات الإرهابية الأخرى كداعش والنصرة.
هذا النمط من الكيل بمكيالين، هو الذي يشجع بشار الأسد على مواصلة ارتكاب الجرائم في سورية، والتي تتطلّب سرعة تشكيل محاكم خاصة بسورية تحاكم كل الإرهابيين، وكل من يحارب على أرض سورية من الأجانب، دون تفريق بين جنسية وأخرى.