تتفاوت الكتب، لوناً ومعنى، عمقاً ومكانة، بعض الكتب تقف عند صفحاتها الأولى ولا تجد حافزاً للتوغل إلى أعماقها والبعض الآخر تنساه بعد إغلاق غلافه الأخير، والبعض الآخر لا تمل العودة إليه مرة بعد أخرى..
تتضمن مكتبتي هذه الأنواع جميعاً -مثلما هو الحال لدى كثيرين-.. ولذا أحاول تصفيتها ما بين الحين والآخر.. لدي عدد من الكتب الجديدة التي تستحق التوقف والقراءة، لكن لا أعلم أي هاجس ملحّ دفعني إلى التجوال في كتب أخرى سابقة، في الأيام الماضية قضيت أوقاتاً جميلة مع كتاب ياسين رفاعية «رفاق سبقوا» ياسين رفاعية كاتب وروائي سوري صدر له العديد من الكتب، قرأت له بعضاً منها، من أبرزها «الحياة عندما تصبح وهماً» وهو جزء من سيرة ذاتية يتحدث فيه عن زوجته الشاعرة أمل جراح رحمها الله، عن تأثره الشديد برحيلها واستعادته للذكريات الجميلة معها وندمه في مواقف أخرى على تقصيره معها كما يرى.
كتاب «رفاق سبقوا» كتاب جميل لياسين رفاعية عدت إلى تصفحه وقراءته، الغريب أنني حين بحثت عن تاريخ إصدار الكتاب لم أجد تاريخاً في أي موقع أو زاوية منه، لكنني أتذكر جيداً بأنني أنهيته منذ ما لا يقل عن عشر سنوات وربما أكثر من تاريخنا الحالي، ولا أدري حقيقة لماذا لم يتضمن الكتاب تاريخ الإصدار الذي لا يقل أهمية عن تفاصيله الأخرى.
يتضمن الكتاب سيرة بعض الأدباء الذين تربطهم علاقة شخصية بالكاتب، كما يقول في المقدمة: (أمين نخلة، فؤاد الشايب، معين بسيسو، خليل حاوي، صلاح عبدالصبور، هؤلاء العمالقة هم موضوع هذا الكتاب، وهم جميعاً رحلوا في قمة العطاء، وبسبب إبداعهم أولاً وأخيراً...)
ويقول أيضاً باستثناء أمين نخلة، فإن وراء موت الأربعة الآخرين، إسرائيل بشكل أو بآخر، ففؤاد الشايب الكاتب السوري -كما يذكر الكاتب- كان مديراً لمكتب الجامعة العربية في الأرجنتين ومن مهامه الرئيسة فضح ألاعيب الصهيونية، وكانت مواقفه الشجاعة في تعرية العدوان الصهيوني كثيرة ومتعددة، آخرها محاضرته في الأرجنتين التي بسببها أولع النار في بيته وأوراقه وذكرياته، أي تم إشعال النار في بيته،.. (لم يحتمل قلبه هذه الصدمة فسقط..).
في ذلك الزمن لم يكن ثمة كمبيوتر أو وسيلة إلكترونية يحتفظ بها الكاتب بنتاجه الأدبي، كانت الوسيلة الوحيدة هي الورق، لذا فقد كان فقده لها كارثة بحد ذاتها.