تحول تنظيم داعش الإرهابي في حربه الإلكترونية إلى إستراتيجية مكشوفة، وذلك من خلال شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، وقنوات التنظيم لديه، كخطوة فعالة في الحرب ضد الآخرين، كان هدفه إمداد التنظيم بالتمويل البشري، والمادي؛ من أجل بسط نفوذه على الأرض، وتحوله إلى سيناريو يزعزع الاستقرار الإقليمي في المنطقة، بعد أن نجحوا في ترويجهم الخطابي، والفكري عبر صناعة الدعاية الإعلامية.
أهم معطيات القوة الإستراتيجية الإعلامية لتنظيم داعش، وضخامة جهاز العلاقات العامة لديه، كشف عنها رئيس حملة السكينة المتخصصة في تصحيح الأفكار الضالة، والتابعة لوزارة الشؤون الإسلامية، - الشيخ - عبدالمنعم المشوح، بأن: «التنظيم الإرهابي داعش خصص سبعة أقسام؛ لإدارة جسدها الإلكتروني بشكل ممنهج، وهي: إدارة المخازن الالكترونية، والمنصات الإعلامية، ومطابخ الأفكار، والمواد الفكرية المتطرفة، وإدارة حسابات، وصفحات التسويق الفكري، وهكرز؛ للتشويش على مخالفي أفكارهم، والتجنيد، والتأهيل، والتمهيد لتنفيذ أفكار، أو عملية تخريبية».
من جانب آخر، فقد اعتمدت سياسة داعش الإلكترونية على الدفع بمعلومات هائلة من حيث الإنتاج، والمحتوى؛ من أجل كسب التعاطف، والعمل على جذب شريحة كبيرة من المتعاطفين معهم من مختلف مناطق العالم، وحثهم على الجهاد؛ لقيام الدولة المزعومة. بل إن الدهشة ستتملكك عندما تلحظ المساحة الكبيرة، التي يحتلها تنظيم داعش في الفضاء الإلكتروني، وهو ما عبّر عنه - الباحث في قضايا الإرهاب - جي أم بيرجر، بأن تعقب نحوا من 3 ملايين تغريدة لداعش على تويتر، فوجد أن من يحركها أكثر من 7500 حساب يديرها التنظيم، مستخدما في ذلك هاشتاقات جهادية.
وبحسب ما نشرته صحيفة «سيريان تلغراف»، من تقارير تشير إلى ملاحظة ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخّرًا، بأن حضورًا بارزًا لـ»تنظيم داعش»، وذلك من خلال نشرصور مضرجة بالدماء، ومرفقة بأعلامٍ سوداء. - ومن اللافت - كان اعتلاء الـ»هاشتاغات» المتعلّقة بالتنظيم المراتب الأولى على «تويتر». ويؤكد موقع «theatlantic»، بأنّ «داعش» يبحث عن تغطية لنفسه، وانتشار واسعٍ، لذلك لجأ إلى دعم نفسه إلكترونيًا، وأصبح يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي؛ من أجل نشر أفكارٍ متشدّدة، وتجنيد متطرّفين، وجمع أموال.
ويعدّ «داعش» من أكثر التنظيمات التي تلجأ إلى هذه الوسائل الإلكترونية، ونشرت الحسابات التابعة له - مؤخّرًا -، عددًا كبيرًا من الصور التي تُظهر جثث جنود عراقيين بعد إعدامهم. وآخر ما أنتجه هذا التنظيم، هو تطبيق رسمي يُدعى «فجر البشائر»، يُمكن الاشتراك به عبر المواقع مباشرةً، أو عبر إدراجه على نظام «أندرويد» عبر الهواتف الذكية، ومتوفّر في متجر «Google» - أيضًا -، ويروّج له أكثر المنتمين إلى «داعش»، والذين لديهم متابعين على «تويتر»، ويعملون على الإعلان لآخر أخبار هذا التنظيم الجهادي. وقد بدأ مئات الناشطين باستخدام هذا التطبيق، - وللإشارة - فإنّ «داعش» يسأل المشترك عن عدد لا بأس به من البيانات الشخصية، قبل أن يبدأ بنشر أخباره، وتغريداته، وصوره، مرفقة بـ»هاشتاغ» على صفحة المشترك.
في المقابل، فقد دخل التطبيق إلى العالم في نيسان 2014 م مباشرًا، بنشر أنشطة «داعش» القتالية، وفي يوم واحد خلال تقدم التنظيم في الموصل، وصل عدد التغريدات المتعلّقة به إلى 40 ألفًا. وخلال نقل وسائل الإعلام معلومات عن تقدم التنظيم إلى بغداد، بدأت تُنشر على حسابات المشتركين آلاف الصور لعناصر مسلّحة، تحمل علم «داعش «مع عبارة «بغداد.. نحن قادمون»، وكان عدد التغريدات كافٍيا؛ من أجل أن يوصل أي بحث عن بغداد على «تويتر» إلى هذه الصورة.
إنّ هذا التطبيق، هو إحدى الطرق التي تستخدمها «داعش»؛ من أجل إيصال رسائلها، إلى جانب تنظيمها لحملات «هاشتاغ»، ويبدأ الآلاف باستخدام الهاشتاغ يوميًا؛ ممّا يرفع تصنيف «داعش» على وسائل التواصل الاجتماعي. كما يشوّه هذا النهج الجديد، ببث الأخبار على حسابات المشتركين الـ»هاشتاغ النشط»، الذي يحصد الهاشتاغات الحاصلة على أكبر نسبة شعبية، واستخدام، وإذا ما احتُسبت إعادة التغريدات لـ»داعش»، تأتي نسبة 72 إعادة تغريدة لكلّ تغريدة واحدة لـ»داعش»؛ ممّا يجعل هذا الـ»هاشتاغ» الأكثر رواجًا.
ونتيجةً لهذه الاستراتيجيات، وأخرى مماثلة، يستطيع «داعش» أن يروّج لنفسه إلكترونيًا. وفي بيانات تمّ تحليلها في شهر شباط - الماضي -، تبيّن أن «داعش» سجّلت أكثر من 10 آلاف تعيين «mention» في اليوم، في حين بلغت الـ»هاشتغات» التابعة لـ»جبهة النصرة» ما بين 2500، و5 آلاف. ويكثّف التنظيم من استخدام الـ»هاشتغات»؛ بهدف نشر أهدافه، ومبادئه. - ومؤخرًا - خططت لتغيير اسم التنظيم، وبدأ ناشطون يروّجون «هاشتاغ»، يُطالب أمير «داعش» أبو بكر البغدادي بإطلاق اسم «إحياء الخلافة الإسلامية» على التنظيم.
وحتى لا يقع شبابنا في براثن هذا الفكر الإرهابي، عبر البعد التكنولوجي المتزايد، ونحو سيناريوهات مختلفة، فإن العمل على إنتاج حروب إعلامية مضادة، تعتمد في المقام الأول على إستراتيجيات تفاعلية، تقوم على تتبع الإعلام الجهادي، ومواجهة التجنيد الإلكتروني للتنظيمات الإرهابية، أصبح مطلبا ملحا؛ من أجل تقديم البديل الصحيح، وذلك بعد توضيح حقيقة هذه التنظيمات الإرهابية.