قبل المنتديات الإلكترونية، وقبل الأجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، كانت الإشاعة من أكثر السلبيات التي تهدد استقرار المجتمع، سواءً على المستوى الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، أو حتى على مستوى العلاقات الحياتية البسيطة بين الأفراد. ومنذ تلك الأزمان، كانت هناك برامج حكومية رسمية وأهلية، لمحاربة الإشاعة ولعلاج نتائجها. وعلى الرغم من قوة هذه البرامج، ودخول مؤسسات أمنية مثل وزارة الداخلية كطرف فيها، إلا أن الإشاعة كانت أقوى.
اليوم، وبوجود كل هذه الوسائط الإلكترونية، التي تنشر الإشاعة بسرعة الضوء، وهذا تعبير حرفي وليس مجازياً، فإن البرامج القديمة غير المجدية، يجب ألا تُوضع في اعتبار المتخصصين في محاربة الإشاعات المنظمة والموجهّة لزعزعة الأمن السياسي والفكري والاجتماعي. على هؤلاء المتخصصين أن يفكروا في أنماط جديدة في محاربة هذا الشبح القاتل. وأول ما يجب التفكير فيه، هو تأسيس حضور قوي جداً في مواقع التواصل الاجتماعي، والعمل يومياً على التواصل مع كل الشرائح التي تتعامل معها يومياً، والحرص على زيادة عدد ونوعيات المتابعين، فكرياً وجغرافياً.
إن من المستحيل مواجهة الإشاعات أو التسريبات أو الأحكام أو الآراء أو الأخبار التي تُصنع بهدف المساس بأمن البلاد، من دون أن يكون لدينا جيش أضخم من الجيش المضاد، ودون أن تكون هناك أدوات تنافس أدواته، ومتابعين أكثر من متابعيه. وهذا بكل صراحة، لا يحدث. وبصراحة أكبر، فإن الساحة متروكة بالكليّة لجيش واحد، يحتّل ما يشاء، وكيفما يشاء، ومتى ما يشاء.