نبارك للأستاذ سليمان الحميد الثقة الملكية الكريمة بتعيينه وزيرًا للشؤون الاجتماعية ويعلم أن هذا التكليف على إحدى أهم الوزارات التي تمس المواطنين عمومًا والشريحة التي تهتم بها الوزارة خصوصًا تتطلب جهدًا مختلفًا بالمرحلة المقبلة لتطوير الخدمات المقدمة ونقل من تعنى بهم الوزارة من خارج الاقتصاد لداخله حيث يملك معالي الوزير الجديد خبرة طويلة تحديدًا عندما كان المسؤول الأول في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية قبل أن يغادرها لفترة قصيرة عضوًا في مجلس الشورى فالمؤسسة تحمل وجهين في عملها الأول إيجاد الاستقرار الاجتماعي للأسر من خلال ضمان راتب تقاعدي لها والثاني اقتصادي من خلال إدارة أموال المؤسسة واستثماراتها الضخمة.
وبما أنه سيطلع على واقع الوزارة وما تقدمه من خدمات فبكل تأكيد سيلمس البطء بتطوير خدماتها وأعمالها مع كامل تقديرنا لما قام به سلفه إلا أن الوزارة لم تصل إلى المرحلة التي تخرج بها عن طورها التقليدي بدعم شريحة الأسر الفقيرة التي تزيد عن 600 ألف أسرة إضافة لخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة فيكفي تذكيره بأن المصابين بمرض التوحد يعالج عدد كبير منهم بدول مجاورة كالأردن وبالرغم من صدور قرار بإنشاء مراكز ضخمة بالمدن الرئيسة منذ قرابة ستة أعوام إلا أن شيئًا من ذلك لم يحدث ماعدا الحديث عن البدء فيها قبل أشهر وبمراكز مؤقتة ريثما يتم إنشاء المراكز التي اعتمدت من مقام مجلس الوزراء قبل سنوات مما يعني أن استنزافًا بالجهد والمال تكبدته الأسر وتسبب بمعاناة كبيرة لهم.
أما الجانب الأكبر من عمل الوزارة وهو الأسر الفقيرة التي ينفق عليها من قبل الضمان الاجتماعي الذي يمول بنسبة كبيرة من أموال الزكاة فهو يمثل تحديًا كبيرًا للوزارة لأن المشكلة تكمن في عدة جوانب أولها العمل على رفع مخصصات الضمان الاجتماعي من خلال حلول مبتكرة يجيدها الوزير الجديد كإنشاء «صندوق الضمان الاجتماعي» حيث يمكن وضع مبلغ كبير به كأساس للانطلاق باستثمارته وليكن خمسين مليار ريال على الأقل يتم استثمارها بطريقة مشابهة لما يتم بمؤسسة التأمينات حتى تحقق دخلاً إضافيًا يمكن أن يدعم رفع مخصصات الضمان الاجتماعي للأسر إضافة لحلول أخرى مؤقتة يمكن البدء بها من الآن حتى يتم بناء الصندوق وينطلق نحو تحقيق إيرادات مجزية، كما أن برنامج الأسر المنتجة يفترض أن يفعل بأساليب مختلفة تحمل طابعًا تجاريًا واقتصاديًا بحتًا من خلال حزمة أفكار نوعية مع علاقات واسعة بالوزارات والمنشآت الخاصة لدعمه حتى تتحول الكثير من تلك الأسر إلى حالة اقتصادية أفضل يتم من خلالها تقليص نسب الفقر بمعدلات كبيرة خلال أعوام قليلة، أما ما يرتبط بتوفير مسكن ملائم لتلك الأسر فهو مطلب قديم لها وتم اعتماد مبالغ ضخمة له إلا أن النتائج لم ترق لمستوى يناسب الإمكانات المتوفرة مما يتطلب إيجاد حلول سريعة ونوعية يمكن أن تتم من الوزارة نفسها أو بالتنسيق مع وزارة الإسكان
إن وزارة الشؤون الاجتماعية تقف أمام تحديات كبيرة لكن الإمكانات المتوفرة لها تعد كافية وكفيلة بتطوير أداء الوزارة فكل ما تحتاجه هو تطوير أفكار وإستراتيجيات عملها والانفتاح على المجتمع وفهم احتياجاته أكثر وأن تذهب الوزارة للمجتمع ومن تستهدفهم بمسؤولياتها بدلاً من انتظار قدومهم لها مع التعديل بأساليب إدارة الأعمال من خلال كوادر الوزارة الشابة أو ذات الإمكانات المناسبة للنهوض بالوزارة وعملها وخدماتها لتكون بموقع يتناسب مع أسباب إنشائها ودورها المهم بالمجتمع والاقتصاد المحلي.