في مادة « أساليب التدريب» التي درَّسها صاحبُكم في معهد الإدارة زمنًا رغدًا احتفى بأسلوب (الحالات الإدارية Case Studies) بوصفها نهجًا فاعلًا في تعزيزِ التوصيلِ المعلوماتيِّ والمهاريِّ، ويذكر أنه أعد بحثًا عنها للمؤتمر الدولي للعلوم الإدارية في تونس (1985م)، وما يزالُ هذا الأسلوبُ ذا دورٍ إيجابيٍّ في التعليم العالي والتدريبِ المتخصص.
** استعاد هذا الأسلوبَ وهو يشهدُ تجربة «الجزيرةِ» الصحفيةَ في رسمٍ بيانيٍّ «صاعدٍ- نازلٍ-صاعد» بين قمةٍ لا تكادُ تُرى وقاعٍ دون قرار ثم قمةٍ تتطلعُ إلى قممٍ تشهدُ الفارق بين الـ»فوق» والـ»تحت» ثم تتساءلُ عن أسبابها.
** لن يستبق كتابه الذي سيصدرُ قريبًا (سيرةُ كرسيٍّ ثقافيٍّ: تأصيلٌ وتفصيل) ففيه ملامحُ من مواقفَ عاشها بين أعمدةِ الجزيرة الكتابية والتحريرية بما قد يبرزُ منحنيات التغيرِ الثقافية تحديدًا ويفسِّرُ بعضَها، ولكن هذا لا ينطبقُ على مساراتٍ تبادليةِ الأدوارِ خلال عمرٍ صحفيٍّ قصير.
** الجزيرةُ حالةٌ إداريةٌ بامتياز لا يحققها وضعُ مؤسسةٍ صاعدةٍ أو هابطةٍ بانتظام، بل مؤسسةٌ كادت تُوارى الثرى فإذا بها تسعى لتلتحفَ الثريَّا، وليس هذا مدحًا، بل تحدٍ يجوز للإداريين أن يطرحوه أُنموذجًا لما يصنعه التغييرُ إيجابًا أو سلبًا وما يصنعُه الإنسان تدهورًا أو تطورا.
** في «دبي» كنا في حفل الجزيرة السنويِّ الثالث وكان باذخًا في مظاهره مثلما كان مفاجئًا في مخابره، وحيثُ مارس صاحبكم العمل القياديَّ الخاص»خارج الجريدة» سبعة عشرعامًا فقد كانت التكلفةُ الماديةُ وعوائدُها هاجسَه، وفي العشاء الكبير كان مقعدُه مجاورًا لمقعد رئيس مجلس الإدارة (وهو أستاذه وصديقُه) وراق له أن يستفهمَ عن ضخامة تكلفةِ المطابع الجديدة فابتسم الأستاذ مطلق المطلق دون أن ينطقَ لا إسرارًا، بل إبهارًا، وما دامت «مئتان وخمسون مليونًا» تستدعي الابتسامة فإن تكاليف الاحتفال لا تعدو ضيافةً عابرةً من مؤسسةٍ تحاول أن تجمعَ الغدَ والوعد.
** عادا معًا من دبي ولم يحكِ رئيسُ التحرير عن المناسبة أو عن نفسه، وفي السيارة التي أقلتهما إلى المطار كنا نتأمل ناطحات السحابِ و»ندردشُ» حولها وتخيل صاحبكم ناطحةَ سحابٍ ذاتَ ثلاثة أدوارٍ بناها الأستاذ خالد المالك قبل نصف قرن ثم غاب عنها فهوت وعاد إليها فعلت.
** في ردهات الفندق كان المدير العام يحتفي ويتابعُ ويسألُ ويطمئنُّ ومعه شبابُ الجزيرة الذين تفوّقوا في التنظيم على كبريات شركات العلاقات العامة، واستعاد صاحبكم ذكرى المؤتمرِ الدوليِّ للعلوم الإدارية الذي عقده معهدُ الإدارة «السعوديُّ» في دبي (1995م) حين أشرف عليه شبابُنا» المعهداريُّ» من ألفِه إلى يائِه وكاد يقول للمهندس عبداللطيف العتيق: ما أشبه الليلة بالبارحة؛ فذاك عهدٌ واليوم عهد.
** حالاتٌ إداريةٌ يمكن رسمُها والحوارُ حولها في شؤون الإدارة والقيادة والإعلام تستحق ورشَ عملٍ تقرأُ طائرَ «الفينيق» الجديد؛ فالانبعاثُ مشهد والطيرانُ سؤدد.
** النجاحُ تحديات.