اختتمت قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدوحة، وجاءت القرارات متوافقة مع توقعات المتابعين ومواكبة للتحديات التي تواجه المنطقة، إذ كان موضوع التصدي للإرهاب، الموضوع الرئيسي، فبالإضافة إلى التأكيد على مواجهة الإرهاب بكل أشكاله، والتصدي للمنظمات والمليشيات الإرهابية من كل الأطياف والأصناف من داعش إلى حزب الله، جاء تعزيز المؤسسات الأمنية والدفاعية مكملاً لعمل دول المجلس في مواجهة آفة الإرهاب، إذ يُعَد إنشاء شرطة خليجية واختيار أبوظبي مقراً لها، متوافقة مع احتياجات المرحلة، بوجود شرطة متخصصة تنسق الأعمال الشرطية بين دول المجلس، في ظل تأخر إحدى الدول بالمصادقة على الاتفاقية الأمنية، أما إنشاء قوة بحرية مشتركة، فهي حاجة ملحّة كون جميع دول المجلس لها سواحل بحرية تحتاج إلى قوة بحرية دفاعية تكون على مستوى التحديات، وتواجه عمليات الخرق والتسلل التي تستهدف سواحل دول المجلس، وهذه القوة تُعَد مكملة لقوة درع الجزيرة، التي يجب أن تُدعّم أيضاً بقوة جوية قادرة على حماية أجواء الإقليم الخليجي، وأن تكون معزّزة بمنظومة قوية وشاملة للدفاع الجوي، توفر سياجاً ودرعاً لدول مجلس التعاون، بوضع درع صاروخي مدمج مع مدفعية قادرة على التصدي لأي خرق جوي لسماوات دول المجلس.
المتابعون لجلستيْ قادة مجلس التعاون بالقراءة المتأنية للبيان الختامي للقمة، ظهر لهم أنّ دول المجلس تسير بخطوات مدروسة ومتدرّجة، لإقرار طلب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للتحول إلى الاتحاد بعد استكمال مرحلة التعاون، ويرى هؤلاء المتابعون أنّ توالي إنشاء المؤسسات الأمنية والدفاعية وتفعيل المؤسسات الاقتصادية، تؤسس لإقامة الاتحاد الخليجي على أرضية صلبة، وأن تستثمر الفترة المقبلة لمساعدة الدول المتحفّظة والتي لا تزال تتشبث في قوالبها القطرية، رغم أنّ مخاطر المرحلة وما تتعرّض له تلك الدول من تهديدات، تتطلب منها أن تتجاوز هذه التحفظات حفاظاً على وجودها أكثر من غيرها.
على صعيد علاقة دول مجلس التعاون بالدول المجاورة وبالذات مع إيران، فقد حمل البيان الختامي العديد من الإشارات للجارة المسلمة بأن تخلص النية، وأن تحسن علاقاتها مع دول المجلس، بعيداً عن دأبها المبني على التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ومنها دول الخليج. أما فيما يتعلق بمصر فقد حمل البيان تأييداً ومساندة للتغيرات الإيجابية التي حظيت بتأييد الشعب المصري، وكررت دول الخليج العربية المطالبة بدولة فلسطينية مستقلة، والوقوف إلى جانب الشعب السوري ومساعدته على التخلص من النظام الجائر، مع دعوة مليشيات الحوثيين في الانسحاب من المدن اليمنية، ووقف التدخل الإيراني في الدول العربية، لتؤكد بذلك دول الخليج العربية اهتمامها الدائم بالهموم العربية.