دلو صغير من دلاء ملأى أهديه إلى مؤسسة الجزيرة الصحفية؛ التي شهدتُ بها ضرورة الشموخ، منذ أن منحتني جداول الكتابة على صفحاتها ذات العبق الأزلي الذي أضافت له اليوم عطورا مُزجت برائق من ولاء مجموعات العمل فيها، ولأني من شجرة المؤسس عبد الله بن خميس رحمه الله كما ألبسني هذا التاج سعادة مدير عام المؤسسة ورئيس تحريرها الأبيين؛ فإني آنستُ حفزاً وتحفيزاً، فدلفتُ إلى ذلك المحيط وقد أحسنت مؤسسة الجزيرة الصحفية صناعة طقوس العبور، وكأن قراءة صفحاتها أصبحت تعميما تفرضه العلائق مع محيط العالم محليا وخارجيا، وإزاء
تلك المنهجية المتفردة؛ تأتي المكتشفات التي أخرجت معطيات صحيفة نابضة بالحياة لتتصدر العدد والعدة، في منظومة الصناعة ذاتها، ولمّا أن كان الهدف واسعا كان لابدّ من اصطفاء آخر؛ يستجيب مباشرة لموقع الجزيرة من التاريخ والمكانة.
يقول المؤسس رحمه الله:
تلك الجزيرة طابت في محاسنها
أكرم بها قمة أربت على القمم
صحيفة الفكر أربى في معالمه
تُسقي ثقافته من بارد شبم
فكان لقاء مؤسسة الجزيرة واحتفاؤها الثالث في المدينة الملهمة (دبي) فكرة استباقية؛ وإن سبقت، واحتفالا متفردا، ومنتجا مميزا جمع أطايب المضمون والصورة وسمو الهدف، فكان رمية برام، وتوجها فاق التوقعات، ومن العنوان ما بهر، حيث أحاطتنا مقومات النجاح من خلاله (دوما معا)؛ ومن ثمّ التنفيذ الذي كان حكاية تميز أخرى محتوى ونتيجة، فاجتمع ضيوف الجزيرة برونق وصفهم (شركاء النجاح) في حياضها ليعرفوا كيف تُصنع الصحافة المثالية، ويطلعوا على الوشائج التي أخرجت نتائج، و يتمثلوا العمل المؤسسي، ويدركوا كيف تُصبح الأهداف العميقة حقيقة، ولعلهم من خلال ذلك يشتركون في الرهان على أن مستقبل الجزيرة لن يكون لوحة معتادة ترسم بألوان الواقع إنما نمط صحفي فريد ستكون له مصانعه الخاصة، كما كانت له مناشطه الخاصة تمثّلت في كراس بحثية هي أرائك يُتكئ عليها، وقبة لتأصيل مفهوم الشفافية بين المجتمع وأصحاب القرار، واصدارات تقدم رموز الوطن وأعلامه في متون عصرية جميلة، وفي نطاق (دوما معا) ولتحقيق ذلك التفرد وقف المخططون الأكفاء خلف ذلك الاحتفاء؛ وذلك اللقاء؛ فأصبحت الدوائر جميعها ملأى بنور الثقافة المتنوعة، المطروحة عبر منابر جريدة الجزيرة العريقة، حيث قفزت حصافة العقل؛ وتسلمت الحكمة زمام الأمور، واشتعلت جذوة الفكر في جذوة الاحتفاء، فلمعت الأضواء في جزيرة الصحافة وصحافة الجزيرة؛ و كان هناك إلهام آخر، عندما توشّحت الصحيفة الغراء بمسمى «الجزيرة»، ذلك الفضاء المشمس في بلادنا الغالية، التي أحاطت بوجدان قاطنيها، فأشعلته وجدا على وجد، فكان لها شموس أخرى؛ أوقدها طموحها حتى تصدّرت، وحملها تاريخها لتكون الأولى في تقنيات طباعية جديدة، وفي نماذج إصداراتها، وعلامات تُحتذى في نشر ثقافة المنتج في القطاعات الخدمية، وفي جذب الأنظار للمنتج عبر الإعلان البرّاق تصميما ومحتوى، وفي تسامي العلاقة بين بيئات العمل فيها وقرائها، نعم ؛ارتوى قلمي وارتويت من زهو ذلك الاحتفال المليء بكل متطلبات الصعود إلى قمة صناعة الصحافة، واطلاقها سيمفونية مختلفة؛ تتربع في كل قلب، وتؤثرها العقول والأفهام.
حفل الجزيرة حاز الضوء والألقا
وأجمع الصحب أن اليوم ماسُبقا
هنا تواشجت الآمال حقّقها
من قادهُ العزم مع أفعاله اتفقا
إني ارتويتُ نمير الفكر علّمني
أن الجزيرة بثّ القلب قد صدقا