في احتفالية جريدة اليوم بمناسبة مرور خمسين عامًا على إنشائها سنحت الفرصة للقاء العديد من الصحفيين والكتاب والمثقفين وصناع القرار في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، ودارت حوارات كثيرة عن مسيرة دار اليوم للإعلام التي بدأت نشاطها بإصدار صحيفة صغيرة من ثماني صفحات وذلك بتاريخ 20 شوال 1384هـ 21 فبراير 1965م وانتهت إلى ما عليه الآن من النجاح في الاحتفاظ بولاء قرائها والتوسع في الإصدارات وتحقيق نجاح مالي تشهد عليه مشروعاتها التوسعية الكبيرة التي تستهدف مواكبة التحولات في دنيا الإعلام والصحافة.
في اليوم التالي للحفل الافتتاحي انطلقت الندوات الإعلامية، وكانت الندوة الأولى بعنوان «دور الإعلام الخليجي في صياغة مستقبل المنطقة» تحدث فيها كل من الدكتور سعد بن طفلة وزير الإعلام الكويتي الأسبق والأستاذ عبدالنبي الشعلة وزير العمل البحريني الأسبق والدكتور إحسان بوحليقة الاقتصادي المعروف وعضو مجلس الشورى سابقًا.
كانت الأفكار التي قدمها المتحدثون، وكذلك المداخلات التي شارك فيها الحضور، ممتعة ولامست الكثير من الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع الذي لا يخلو من حساسية.
باعتقادي أن دور الإعلام في صياغة المستقبل، في أي مكان، دور مهم للغاية إلا أن التحدي الأكبر يتعلق بمدى حيادية الإعلام حتى في أكثر دول العالم انفتاحًا في مجال حرية الكلمة. فقد أثبتت الأحداث أن الإعلام لم يكن دائمًا بريئًا أو محايدًا وإنما كان يخضع في كثير من الأحيان لضغوط اللوبيات وأصحاب المصالح وتأثير الحكومات. فالدول الغربية نفسها التي ينظر إليها بوصفها الحارسة لحرية الكلمة في العالم لا تستطيع الصحف الرئيسة فيها والقنوات التلفزيونية الإفلات بالكامل من الضغوط والقيود.
وبالتالي فإن السؤال المهم يصبح كالتالي: هل يستطيع الإعلام أن يصيغ مستقبل المنطقة والعالم من خلال ممارسة مهنية تتطلع إلى ما أفضل بعيدًا عن أي أجندات لأصحاب النفوذ والمصالح أم أنها تصيغ المستقبل وفق هوى أصحاب تلك المصالح!؟
من المؤكد أن طبيعة الممارسة الإعلامية اختلفت إلى حد كبير في زمن الإعلام الجديد وما حمله من التقنيات التي ساعدت جميع الناس في ممارسة دور الإعلامي الذي كان محتكرًا في السابق لمن يحترفون هذه المهنة أو ينتسبون إليها بشكل من الأشكال. ومع ذلك يظل هذا الإعلام غير مستقل بشكل تام، على الأقل وفق «نظرية القطيع» مثلما نرى في بعض التغريدات التويترية التي تنطلق أحيانًا متزامنة كالحمم بسبب إشاعة يتبين بعد ذلك أنها غير صحيحة!
هل يستطيع الإعلام أن يصيغ مستقبل العالم؟ أظن أن الإجابة: نعم. لكن السؤال الأهم هو: هل يفعل ذلك بحيادية أم أنه موجه بشكل مباشر أو غير مباشر؟ إنني أشك في الحيادية المطلقة للإعلام في أي بلد في العالم!