الجزيرة - حسنة القرني:
توالت ردود الأفعال حول الخسارة الكبيرة التي تعرض لها سوق الأسهم أمس الأول وفي الوقت الذي يحمل فيه المحللون البنوك مسؤلية ما حدث في السوق رفضت الأخيرة هذا الاتهام وقالت لـ»الجزيرة»: إن الشركات المالية التابعة لها لم تقم بتسييل المحافظ أو الصناديق الاستثمارية المستثمرة أصولها في السوق وأكد رئيس لجنة الإعلام والتوعية بالبنوك السعودية طلعت حافظ لـ»الجزيرة» أن الاتهام الموجه للبنوك غير صحيح وعاري من الصحة تماما. وعلى خلفية هذا التباين طالب اقتصاديون هيئة سوق المال ومؤسسة النقد بضرورة فتح تحقيق حول ما حدث بسوق الأسهم أمس الأول مشددين على أهمية استحداث نظام منع تسييل المحافظ إلا بطلب من هيئة السوق وشددوا على تحميل البنوك جزءا من المخاطر بالإضافة إلى التحقيق مع كبار المستثمرين. وقال المحلل الاقتصادي الدكتور فضل البوعينين: ما حدث في السوق يعد إرهابًا ماليًا أشاع الهلع وتسبب في الانهيار مؤكدًا بأنه لا يمكن الخروج من هذه الأزمة إلا بدعم حكومي مطالبًا الحكومة ممثلة بالجهات ذات الاختصاص بالقيام بدورها الفاعل بحماية السوق في الأزمات والوقوف أمام كل من يتلاعب بأهم مكونات الاقتصاد «سوق الأسهم السعودية». ودعا إلى ضرورة فتح تحقيق مع كل البنوك مع إصدار قرار صارم من قبل مؤسسة النقد يقضي بمنع البنوك من تسييل أي محفظة وإن تلاشى ما فيها من أموال مع ضرورة تحميل البنوك جزءًا من المخاطر متهما البنوك بالتسبب في إحداث خسائر السوق، مؤكدًا بأنها من قامت بإغراء المستثمرين بالاقتراض من أجل المضاربة في السوق وذلك من خلال ما قدمته من تسهيلات ما نتج عن إشكاليات كبيرة عند تسييل المحافظ وأضاف إن غالبية المستثمرين الذين اقترضوا فقدوا أموالهم وهم لم يتحملوا ما حدث لوحدهم فقط بل تحولت خسائرهم إلى خسائر عامة عندما انهارت السوق بسبب البيوع الجائرة لتصفية هذه المحافظ المالية مقابل تلك التسهيلات. وأكد أن ما حدث يعد أزمة حقيقية تتحملها المصارف لقيامها بتسييل المحافظ التي أدت إلى تعميق خسائر السوق، وأكد البوعينين إمكانية حلها عن طريق تدخل صناديق الاستثمار الحكومية بدعم السوق والشراء وذلك بهدف تحقق الربحية بحيث تشتري بأسعار زهيدة دعمًا للسوق ولإعادة الاستقرار له. مطالبًا مؤسسة النقد بضرورة إصدار قرار يمنع البنوك من تسييل المحافظ لأسباب مرتبطة بقروض الأسهم وبذلك سيتوقف البيع وتعود السوق لوضعها الطبيعي. كما طالببضرورة المسارعة إلى فتح تحقيق مع كبار المستثمرين الذين استطاعوا الخروج من السوق ثم عادوا لضربه من جديد بهدف الضغط عليه واقتناص السهم في مستويات متدنية. مقللا من جدوى إغلاق السوق معتبرا ذلك سلبية لا يمكن القبول بها ولا حتى طرحها كمقترح ضمن الاقتراحات واستدرك بأن هناك بعض الأنظمة التي تعتبر جزءًا من تشريعات السوق بحيث يتم إيقاف التداولات متى وصلت خسائر السوق الكلية إلى نسبة محددة كما حدث في الإمارات ومصر وأضاف: نظام إيقاف السوق بعد وصولها إلى نسبة محددة يعتبر جزءًا من النظام لكننا لا نريد الوصول لهذه الحالة. وشدد البوعينين على أهمية الإسراع في معالجة مشكلات السوق من جميع جوانبها المالية والإدارية والرقابية مبينًا أن الضعف الذي تتعرض له يتمثل في عدم وجود صندوق توازن يساعد على حفظ توازن السوق مشيرًا إلى قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في 2006القاضي بإنشاء صندوق توازن لتحقيق توازن السوق والمحافظة عليها وحمايتها من الأزمات الداخلية والخارجية لتوفير الاستقرار المالي لسوق الأسهم كمعالجة لما حدث في 2006 وإلى الآن لم ينفذ منذ ذلك الوقت وحتى الآن مطالبًا بمحاسبة من تسبب في عدم تنفيذ هذا التوجيه المهم الذي لو نفذ في وقته لما تعرضت سوق الأسهم لكل هذه الانهيارات بالإضافة إلى غياب صانع السوق والذي سيسهم في تحقيق التوازن بحيث يكون للسوق أبًا روحيًا يخرج للمتداولين ويخاطبهم بلغتهم التي يفهمونها يشيع الطمأنينة بينهم. وتساءل البوعينين: لماذا حصل هذا الانهيار وانخفض السوق بهذا السوء ليفقد120مليار ريال من قيمته خلال ساعتين من التداول على الرغم من أنه ليس لدينا مشكلة أمنية كما أنه لا يوجد لدينا مشكلة اقتصادية وليس لدينا أيضا مشكلة في الاستقرار رافضًا ربط ما حدث من انهيار في السوق بما يجري في سوق النفط مؤكدًا أن ذلك حق أريد به باطل.
مقترح بإيقاف التداول
إلى ذلك دعا اقتصادي ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ هيئة سوق المال ومؤسسة النقد إلى إيقاف التداول في سوق الأسهم والتحقيق حول ما يتردد من لجوء البنوك إلى تسييل المحافظ في سوق الأسهم مستشهدًا بما لجأت إليه السوق المالية في دول الإمارات أمس الأول من إيقاف السوق بعد نزوله 5% وفتح تحقيق مع البنوك حول margen call وشدد الخبير الاقتصادي عبر «الجزيرة» على ضرورة اتخاذ هذه الخطوة وتطبيق الأنظمة العالمية في تقييد السوق في أوقات الانهيارات كما يعمل به في جميع أسواق العالم داعيا السوق المالية إلى التوقف عن ترك المجال لارتفاع المؤشر وهبوطه دون تقييد والاكتفاء بتقييد النسب العليا لصعود ونزول أسهم الشركات والمحددة بـ 10% مشيرا إلى ما لجأ إليه سوق داوجونز خلال أحداث سبتمبر والأزمة المالية مؤكدًا أن للسوق في مثل هذه الحالات أن يلجأ إلى إيقاف التدوال لمدة محددة تقل عن الساعة ثم إعادة فتح السوق للتداول ومراقبة أدائه فإن استمر على ذات الوتيرة تم إيقاف السوق كامل اليوم.
البنوك بدأت التسييل بهدوء
وعد المحلل الاقتصادي محمد الضحيان التحقيق الآن تحصيل نهاية الأزمة فليس له قيمة ـ بحسب رأيه ـ متسائلا عن الفائدة من الإجراء الآن؟ واصفا ما حدث بالمهزلة الاقتصادية في بلد يحاول النمو والوقف إلى جانب دول العالم مؤكدًا لـ «الجزيرة» بأن ما حصل لا يتناسب مع الأنظمة والسياسات المالية ككل في المملكة مطالبًا هيئة سوق المال بضرورة إيجاد ضوابط تساعد في عدم تفاقم الأزمة تلزم البنوك الراغبة في التسييل برفع طلب بذلك إلى هيئة السوق وذلك لاتخاذ الإجراءات الكاملة. كما طالب الضحيان بضرورة منع البنوك عن عملية بيع الأسهم بسعر السوق المعروفة ويحدد سعر على ألا يقل عن متوسط آخر سعر ببيع بخمسين هللة ما يعني وجود عروض مؤكدا أن ما حصل أمس الأول يعد ضربا للسوق وتابع مفصلا وشارحا ما قامت به البنوك ابتدأ من يوم الأحد الماضي بقوله: بدأت البنوك بعملية التسييل بهدوء بأوامر بيع حتى يوم أمس الأول حينما ارتد السوق بشكل قوي حيث قامت بإجراء عملية تصفية كاملة وشاملة بقرار من البنوك بأوامر بيع مشددًا على أن هذه العملية هي السبب الجوهري للانهيار.