افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز رئيس مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الثلاثاء الماضي فعاليات المؤتمر الدولي السادس للموارد المائية والبيئة الجافة وذلك بقاعة الشيح حمد الجاسر بجامعة الملك سعود، حيث بدئ الحفل بكلمة للأمين العام لجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الدكتور عبدالملك بن عبدالرحمن آل الشيخ، رحب فيها براعي الحفل وبالحضور والمشاركين في المؤتمر، وقدم الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان على دعمه للجائزة وتوجيهاته الكريمة في تطوير الجائزة والمحافظة على السمعة الدولية الرفيعة التي وصلت إليها وأصبحت لها مكانة مرموقة في المحافل الدولية ونجحت في استقطاب الباحثين من جميع أنحاء العالم للتقدم للترشيح لها وفاز بها عدد من كبار علماء المياه بأعمال إبداعية.
وأضاف: إن هذا المؤتمر حظي بسمعة عالمية متميزة خلال الدورات الماضية ويشهد إقبالاً كبيراً من الباحثين للمشاركة في تقديم الأوراق العلمية في محاور المؤتمر المتناغمة مع فروع الجائزة كما يتيح الفرصة لالتقاء العلماء والباحثين والعاملين في قطاع المياه وتبادل العلوم والمعارف في مجال حيوي هام ويساهم في مساعدة متخذي القرار والمسؤولين في التعرف على الممارسات العالمية الناجحة.
بعد ذلك ألقى معالي مدير الجامعة الدكتور بدران العمر كلمة رحب فيها بمعالي بسمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز وبالحضور.. وقال: إن الجامعة تستعيد تاريخَهَا لاستظهار أبرز الرجال الذين صنعوا نجاحَهَا يبرز المغفور له بإذنِ الله، والدكم الكريم، صاحب السموِّ الملكيِّ الأمير سلطان بن عبدِالعزيزِ -يرحمه الله- الذي غمرَ الجامعةَ بمساهماتِهِ الكبرى، واحتضنَهَا برعايتِهِ ودعمِهِ للعديدِ من برامجِها العلمية، وأنشطتِها التعليميةِ والتطبيقية، وكراسيها البحثية، كما حملَ اسمَه الكريمَ -طيّبَ اللهُ ثراه- بعض معاهدِها ومشروعاتِها التطبيقية. ثم استمرتْ من بعدهِ مسيرة الدعمِ والرعايةِ للجامعةِ من لدن سموِّكم الكريم، بدليلِ تفضُّلِكم بتأسيسِ كرسي الأميرِ خالدِ بنِ سلطانَ لأبحاثِ المياه، ودعمِكم السخيِّ لمعهدِ الأميرِ سلطان لأبحاثِ التقنياتِ المتقدمة، وحرصِكم الدائمِ على الوقوفِ إلى جانبِ الجامعةِ دعماً وتشجيعاً، واهتمامِكم المستمرِّ بجائزةِ الأميرِ سلطانَ العالميةِ للمياهِ التي تفخر الجامعة باحتضانِها لأمانتِها العامة، وبمشاركتِها في تنظيمِ المؤتمرِ الدوليِّ المتزامنِ معها وهو هذا المؤتمر، وذلك منذُ انطلاقتِهِما في عام عامِ 2002م إلى يومِنا هذا.
وبتوجيهاتِ سموِّكم الكريمِ فقد انطلقتْ الخطةُ التطويريةُ الشاملةُ لهذه الجائزةِ واعتُمدتْ لوائحُها الجديدةُ وهيكلُها التنظيميُّ وخطتُها الاستراتيجيةُ حتى صارتْ ذاتَ سمعةٍ دوليةٍ رفيعة، ومهوى اهتمامِ وتنافسِ كبارِ العلماءِ المبدعينَ في مجالاتِ المياهِ على مستوى العالم.
بعد ذلك ألقى رئيس مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز كلمة افتتاح المؤتمر والذي ذكر فيها أنه يسعده أن يلتقي مجدداً في هذا الصرح العلمي الشامخ بجامعة الملك سعود وهي تحتضن المؤتمر الدولي السادس للموارد المائية والبيئية الجافة كما رحب بالنخبة المميزة من العلماء الذين يقدمون مناقشات ويتبادلون خبرات.
وقال الأمير خالد: راجعت خطابي في افتتاح المؤتمر الخامس الذي عقد في يناير العام الماضي حتى لا أكرر ما سبق أن تناولته فيه من قضايا وأفكار وما طرحته من رؤى وحلول أو ما تحقق من أهداف وتوصيات فضلاً عن عدم اجترار ما تمر به منطقتنا العربية من الأخطار السياسية والاقتصادية التي تهدد منطقة الشرق الأوسط الجديد منه أو القديم
فتبين لي أن المواقف مازالت تراوح مكانها ففي المجال السياسي والإرهاب لايزال يرتع في كل مكان ولا توجد دولة واحده في منجى منه فضلاً عن تلونه في أساليبه ووسائله وأشكاله وصفاته وإن كان هدفه الأساسي ظل ثابتاً لم يتغير وهو هدم الدولة ومؤسساتها أو تقسيمها وتشتيت شعبها أو فرض أفكاره ومعتقداته.
كما أن المجال الاقتصادي ليس أفضل حالاً إذ اقتحمه الإرهاب الأسود وأصبح جزء منه مسيطراً على آبار نفط وخطوط إمداد وسدود مائية ولم ينج المجال الاجتماعي من براثنه دول بلا رئاسة أو قيادة وأخرى انقسمت إلى دويلات وميلشيات ودول على حرب أهلية فقد الأمن الاجتماعي وعاد الزمن إلى عصور سحيقة مظلمة، فالنساء تغتصب وتسبى باسم الشريعة والفتيات والفتيان يباعون كجوار وعبيد والأطفال يختطفون إلى معسكرات يربون على غلظة القلب وقسوته والقتل على الهوية أو المعتقد جائز بل واجب شرعي والكل يتمسح بالإسلام العظيم وشريعته السمحاء وهو منهم براء فهم يعرفون اسمه ولايدركون حقيقته.
أعلم أنها بداية مؤلمة ولكن علينا مواجهة الواقع في صدق وصراحة، عند تحديد الإستراتجيات ورسم السياسات ووضع الخطط فلا أمن غذائياً من دون أمن مائي ولا أمن مائياً من دون أمن اقتصادي ولا أمن اقتصادياً من دون أمن سياسي واستقرار مجتمعي.. أما عن أمن الطاقة وأمن البيئة فإنهما يتعلقان بأذيال ذلك الأمن السياسي، وما يجري في الموصل وحلب وبني غازي وصنعاء والحديدة ليس ببعيد.
ولتسمحوا لي بطرح رؤى وتبادل أفكار:
أولاً: علينا ألا نستسلم إلى واقع الحال من إرهاب سياسي واقتصادي ومجتمعي ولا نقف موقف المتفرج فالأمل في نصر الله لايزال موجوداً والثقه بأبناء الشعوب العربية قائمة غير مهزوزة وعلينا البدء في الآتي:
- اتباع الأسلوب العلمي الصحيح في التفكير والتخطيط والتنفيذ في ظل إستراتيجية نحددها ورؤية نبتكرها وسياسات عادلة نلتزمها.
- تحديد التحديات المائية الحقيقية القائمة تحديداً دقيقاً في ظل ماهو كائن وليس في ظل ما ينبغي أن يكون.
- الوقوف على أسباب المشاكل المائية تفصيلاً سواء الطبيعية منها أو الناجمة عن سلوك البشر.
- الاستخدام الكامل الواعي للتقنية الحديثة والإبداع والبحث العلمي عند اقتراح البدائل والحلول غير التقليدية والتوصيات البناءة بواقعية وشفافية مع وجوب احتواء تلك الحلول على خطط تنفيذه وآلياتها وأدوار كل دولة فيها والإجراءات التي ستتخذ ضد الأطراف غير الملتزمة.
- الاستعانة بالخبراء والمختصصين الثقات في كل مجال.
ثانياً: كان بودي أن تبدأ فعاليات المؤتمر باستعراض توصيات المؤتمر السابق وتبيان مأ انجز منها ولم ينجز وأسبابه مع الإشارة صراحة إلى من ساعد ومن أعاق، من أنجز ومن تقاعس ومن يرى جدية هذه المؤتمرات ومن يعدها عديمة ومن يعدها عديمة الجدوى وإضاعة للوقت.
ثالثاً: سؤال يتبادر إلى الأذهان كلما حاصرتنا الأزمات والكوارث وهو لماذا لانبالي في بداية كل حدث ونتكاسل عن اتخاذ الإجراءات الواجبة حتى تتقاقم الكارثة لماذا لانخطط للمستقبل كما يفعل غيرنا بناء وتطويراً وتوقعاً فعلى سبيل المثال نحن نعلم منذ سنوات خلت أن العالم مقبل على أزمات خانقة في إنتاج الطاقة وعلى الرغم من ذلك لم نهتم بالطاقة الشمسية وأهملناها مع أن جميع علمائها وخبراها يؤكدون أنها أحد الحلول الناجعة في تجنب كارثة نقص الطاقة فضلاً عن تقليلها التلوث والأخطار الصحية بنسبة لا تقل عن تسعين في المائة وأنها ليست وحدها التي تستحق الاهتمام فقد سبقنا دول كثيرة ومنها الصين في توليد الكهرباء من الرياح وأصبحت أكبر دولة منتجة لها ونتساءل أين الرؤية المستقبلية والتخطيط الإستراتيجي؟.. أليست الطاقة هي مفتاح المشاريع المائية كافة؟.
رابعاً: نحن نعلم أن الوقود الحيوي في العالم الذي توسعت في استخدامه سيكون له آثار ضارة مدمرة قي المديين المتوسط والبعبيد فقد ظهر في البداية لتوفير الناتج المحلي من المواد البترولية ثم أصبح مجالاً لاستغلال الدول الفقيرة من أجل تحقيق فائض في الدول الغنية وقد حذرت دراسة اسكتلندية عنوانها: «الوقود الحيوي والأمن الغذائي وأفريقيا» من أن المزارعين الأفارقة يواجهون بسببه أخطاراً حقيقية، فضلاً عن أن إزالة الغابات يؤدي إلى التصحر وتلوث الموارد المائية والصراع على المساحات المتبقية من الأراضي الزراعية، ألا يستحق مثل هذا الموضوع أن يعطى الأهمية الضرورية بل القصوى لما له من تأثير بلا شك في الدول العربية.
خامساً: أقترح أن يدرس الوزراء المعنيون تقرير التنمية المائية2014م الصادر من الأمم المتحدة لأهميته في التحليل الدقيق للعلاقة بين المياه والطاقة في الدول كافة فضلاً عن الإحصائيات المخيفة التي وردت وهي تتناول.
سادساً: منذ أكثر من أربع سنوات أصدر المؤتمر السنوي الثالث للمنتدى العربي للبيئة والتنمية عدة توصيات حول الإدارة المستدامة في العالم العربي منها:
- حالة المياه في البلدان العربية حرجه وتطلب عملاً فورياً.
- الإمدادات المائية لازالت غير متوفرة للملايين ومن المتوقع أن يواصل معدل توافر المياه انخفاضه تحت الندرة المائية الحادة.
- ثمة مجموعة من الأخطاء السياسية والإدارية تكمن في صلب النكبة المائية.
- إن الكارثة المائية تدق أبواب الدول العربية، وقد حانت ساعة العمل لوقفها.
وفي الختام رفع الأمير خالد بن سلطان آيات الشكر والتقدير إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز وللقيادة الرشيدة للمملكة لاستضافتهم المؤتمر الدولي وحرصهم على مواجهة التحديات المائية.