مالي سمعت كأن لم أسمعِ الخبرَ
هل صار قلبي في أضلاعه حجرا؟
مالي جمدت فلم تهتز قافيتي
ولا شعرت ولا أبصرت من شعرَ
كأن كل سواقي الشعر قد أسِنت
من جفف الشعر من بالشعر قد غدرَ؟
أنا الذي عزفت أوتاره نغماً
هز الورى والذرا والطير والشجرَ
مالي سكت فلم أنطق بقافية
ولا رأيت بعيني الدمع منحدرا؟
هل جفف الرمل إحساسي وجففني
فأصبح الشعر لا علماَ ولا خبرا؟
أمي تموت ويمناها على كبدي
يا أم رحماك إن القلب قد فطرَ
جاءني صوتك عبر الصباح يهمس في أذني، طفلتي حبيبتي بلدك أرضك لا تهجريه، وأن لا تتخلي عنه مهما حصل، وطننا هو الذي حضننا، وداوى جراحنا وجمعنا، فيه، ولدنا ونشأنا وتعلمنا وبهوائه ومائه انتعشنا، ومن خيراته أكلنا ومن علمه نهلنا، ثم ابتسمت وغبت بردائك الأبيض، كان صوتك أشبه بزقزقة عصفور وهديل حمام وحفيف شجر، كان صوتك كرسالة مع الفجر يبوح برضاك رغم وفاتك، جاء صوتك ليذكرني بذكر الله وحب الوطن، جاء صوتك ليعلن لنا أنك ذهبت إلى بارئك، وتركت لنا وطنا هو لنا بمثابة الأم، جاء صوتك يحذرنا أن لا نبتعد عنه، لا نهجره، لا نتركه في محنته وحيداً.
ما زال صوتك يا أماه يتبعني
يا رب رد حبيباً أدمن السفرَ
يا رب صنه من الأشرار كلهم
ورد عنه الأذى والكيد والخطرَ
واجبر إلهي كسراً، حل في ولدي
فأنت تجبر يا مولاي ما انكسرَ
كم أنت عظيمة يا أمي
في حياتك كنت مع المناضلين الفلسطينيين، تشدين أزرهم، وتصنعين لهم الطعام وتداوين جراحهم، وكنت دائما ترددين الوطن هو الشرف، هو الهوية، هو الأم والحضن الدافئ. أنت يا حضن الحنان كم أنت عظيمة بدينك، بتربيتك لنا، وبوفائك للوطن، وبعطائك لمن حولك، حميتنا أطفالاً، وشباباً، وها هو حنانك يرافقنا ونحن كبار، رغم أن كل منا مشى في طريقه لبناء أسرة، رغم ذلك لم تتخل عنا إطلاقاً. حتى بعد رحيلك تأتينا في الأحلام لتذكرينا ولتوقظي فينا شيئاً قد نام. لم أوفيك حقك أبداً يا أمي، فسامحيني يا حضن الحنان.
ما زال صوتك يا أماه يجلدني
إني أسأت وجئت اليوم معتذرا
لا والذي خلق الدنيا وصورها
ما خنت عهدك يوما، ما قطعت عرى
لكنها محن حلت بساحتنا
أودت بفكر الذي قد روض الفكرَ
كم أنت عظيمة يا أمي
كل ما حولنا يسأل عنك، ويشهد بعظيم صفاتك، ودماثة أخلاقك، الحارة، الجيران، الأطفال الذين كبروا، بقايا أشيائك، كلهم يسألون عنك، سقيتنا الحب والعطاء، زرعت فينا المودة والوفاء، دائما كنت ترددين اعملوا لآخرتكم فالدنيا دار لهو وفناء.
كم أنت عظيمة يا أمي
كم أنت نبيلة يا أمي، مداد القلب لن يكفي لو أكتب به لإرضائك وخفق الروح لن يجزي عبيرا فاح بعطائك، رغم السنين لم يلتئم جرح موتك، لم يلتئم جرح فقدك فأنت الحنين رغم الأنين وظلم السنين، يا أم الجميع يا عظيمة، أنت الغلا يا أروع الخلق والناس. وأنت السوالف بين نفسي وبيني، دايم على خاطري ولك شوق وإحساس وما زلت أشوفك وين ما أحط عيني.
رحمك الله يا أمي «لطيفة زكريا العاشق» وأدخلك الجنة دون حساب ولا سابق عذاب.