يعيش البعض على أعتاب الماضي الذي مضى بكل ما يحمله من سعادة وحزن، فيكون عبدا له غير مدرك للحاضر الذي يعيشه الآن، فهو يعيش في زمن قد انتهى بكل ما فيه، ويعيش البعض الآخر في زمن الحاضر ليكون قادرا على الاستفادة من خبرات الماضي التي تساعده على التركيز في الحاضر والإحاطة بمشكلاته والعمل على حلها ليكون بذلك فردا قادرا على التنبؤ بمستقبله بعد استفادته من تجاربه السابقة التي أخفق فيها أو نجح، فطريقة فهم الحاضر والتجاوب معه تعتمد على طريقة تفكيرك وتفسيرك لأحداث الماضي بدلا من أن تكون ضحية نتيجة تربية سيئة أو تعرض لأحداث ما زالت عالقة في ذاكرتك وأنت المخطئ لأنك ما زلت تفكر بنفس التفكير السابق بدلا من أن تفسر الأحداث وتعمل على تطويرها وتعديلها لتساعدك على المواصلة نحو الأمام، فابدأ بتغيير نفسك قبل أن تطالب الآخرين بالتغير سواء في طريقة تفكيرك، عملك، رؤيتك لذاتك وغيرها فالله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، فمن يعيش في الماضي ناسيا أو متناسيا الحاضر كمن يتخبط في الظلمات، والنور أمامه فقط يريد منه أن يتجه نحوه ليبصر الطريق ويبصر في ذاته التي يمتلكها. وهذا الاستبصار لا يكون إلا بحسن الظن بالله فالله سبحانه وتعالى يقول في حديثه القدسي «أنا عند ظن عبدي بي» فإن كنت تظن بالله ظنَا حسنا أنه سوف يخرجك من الظلمات إلى النور فسوف يكون ذلك، ثم كن مؤمنا بإرادتك التي منحك الله إياها وميزك فيها عن باقي الكائنات التي منشأها عقل يميز بين الصواب والخطأ. فأنت إذاً بحاجة إلى تعديل النموذج الذي تمتلكه في عقلك اللاوعي حتى تكون بذلك قادرا على اكتساب المعلومات والمعارف ومن ثم العمل على تفعيلها بالطريقة الصحيحة نتيجة تغيير القيم والمبادئ التي كنت تعيشها بطريقة سلبية لا تؤدي بك إلا إلى خسارة نفسك بكل جوانبها، خسارة الآخرين وخسارة مستقبلك الذي من المفترض أن تعمل على بنائه بالشكل الصحيح بناء على الحاضر الذي تعيشه وليس الماضي الذي غادر بكل ما فيه.