رحل معاليه من جامعة الإمام ليحظى بالثقة الملكية ويتولى حقيبة وزارة الشؤون الإسلامية ليكون الرجل المناسب في المكان المناسب لتخصص معاليه الشرعي وما يتميز به من أسلوب دعوي جيد، فهنيئاً لمعالي الوزير الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل على الثقة الملكية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: من يتولى حقيبة جامعة الإمام؟ وقبله سؤالٌ قد يطرأ على كثير في المجتمع الأكاديمي ألا وهو: هل ترك معالي الوزير أبا الخيل فراغاً في جامعة الإمام؟ والجواب قطعاً لا، لأنه - والحمد لله - ثم الفضل لسياسة قادة هذه البلاد - حفظهم الله - واهتمامهم ببناء المواطنين الصالحين وتعليمهم وتأهيلهم التأهيل المناسب، فإن بلادنا تّزخر بكوادر أمثال أبا الخيل، وكوادر تفوق أبا الخيل - سدده الله ووفقه- فولاة أمرنا يثقون بكل المواطنين الصالحين، ومن يتلمسون ويجدون فيهم الخير والحب لهذا الوطن.
أما ما يتعلق بمواصفات المدير المنتظر فسوف أتناول هذا الموضوع من ثلاثة محاور: المحور الأول التغير الكبير الذي تشهده الجامعة، أي طبيعة الجامعة في الوقت الراهن. والمحور الثاني ما اتهمت به جامعة الإمام من افتراء بأنها مصدر للإرهاب. والمحور الثالث عمن تريده جامعة الإمام مديراً لها.
لم تعد جامعة الإمام تلك الجامعة المتخصصة في الدراسات الشرعية فقط والتي من أجلها أخذت صفة «الإسلامية» في اسمها وميزها عن توأمها جامعة الملك سعود. إن جامعة الإمام اليوم جامعة رائدة تدرس العلوم التطبيقية والعلوم العلمية البحتة، فهناك كلية الطب وكلية الهندسة وكلية العلوم، إضافة إلى كلية اللغات والترجمة والتي هي بصدد تدريس لغات تخصصية أخرى بجانب اللغة الإنجليزية.
إن هذا التغير المحمود، بل النقلة الفريدة التي أرادتها وزارة التعليم العالي بقيادة وزيرها القدير الأستاذ الدكتور خالد العنقري (السابق) والمتوافقة مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين في التطوير والرقي بالتعليم في بلادنا الحبيبة؛ إنّ هذا جاء موفقاً ليلبي حاجة المجتمع ويضيف لجامعة الإمام تميزاً بأنها ليست فقط تنتج الفقهاء والمشايخ، بل كذلك تنتج الأطباء والمهندسين وعلماء الشريعة وعلماء الطبيعة وتسهم في بناء المواطن السعودي كبقية جامعات المملكة.
إن هذا الواقع الأكاديمي الذي تشهده جامعة الإمام يتطلب صفة مهمة تتوفر في المدير المنتظر، ألا وهي أن يكون ذا خلفية علمية وبسمة دينية تعلو على محياه الوسطية، ولا يشترط أن يكون خريجاً من كليات الشريعة أو الدراسات الإسلامية، وهذا لا يعني عدم صلاحية أساتذة الشريعة وإنما التجديد والتغير.
أما ما يتعلق بالمحور الثاني والذي قد يختلف عليه اثنان، فالأول لا يرى أن جامعة الإمام مصدر للإرهاب والآخر الذي يرى أن جامعة الإمام مصدر الإرهاب الفكري وتحتاج إلى مدير وأعضاء يخرجهم من الظلمات إلى النور. ورغم أنني لا أملك من الوثائق والأدلة ولم اطلع على أي منها يجعل هذه الجامعة الرائدة ومنسوبيها الأخيار رجال الوسطية يوصفون بما أشيع عنهم دون دليل وإن وجدت شرذمة قليلة من الفئة الضالة قد تخرجت من هذه الجامعة، فقد ضل ابن نوح وضل عم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تتهم المدرسة المحمدية بالضلال، فجميع منسوبي هذه الجامعة ضد الفكر الإرهابي الضال ويرفضون إلصاقه بهذه الجامعة التي تعد منارة العالم الإسلامي وصرحاً شامخاً أثبت وجوده عربياً وعالمياً.
جامعة الإمام تسير على منهج مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - المنهج الوسطي المعتدل، وقد أنتجت معالي الشيخ الدكتور عبدالله التركي - حفظه الله - وأنتجت الشيخ عبدالعزيز الفوزان والشيخ صالح المغامسي على سبيل الحصر والاستشهاد فقط، وإلا فإن أمثالهم لا يحصى في مثل هذا المقام. والآن تعيش الجامعة أسبوعاً بدون مدير شرعي، فلم يحدث في الجامعة أي حدث إرهابي أو قول بعيد عن الصواب. إن ما يتمتع به منسوبو هذه الجامعة من اعتدال في المنهج وولاء لقادة هذه البلاد لهو عين الوطنية الحقة دون تطبيل إو إرجاف. فهم ليسوا بحاجة لواعظ يبصرهم بخطر الإرهاب، أو بأن هناك أوكاراً وبؤراً للإرهاب تحتاج إلى تفكيك وتذويب، بل إن تصور جامعة الإمام ببؤرة من بؤر الإرهاب يدخلهم في قانون التصنيف البغيض الذي يفتت الأمة وليس الجامعة فحسب.
المحور الثالث والأخير وهو أن جامعة الإمام حريصة جداً في اختيار مديرها ومن يركب صهوة الجواد، كما يحرص العرب في اختيار الزوج الصالح لبناتهم فتقول الجامعة:
1- أريد مديراً لديه خطة يعرف من أين يبدأ وإلى أين سينتهي بي.
2- أريد مديراً يغرس ولاء أبنائي لولاة الأمر وحب الوطن بطرق أكاديمية جميلة.
3- أريد مديراً يخرج من عباءته ويتفقد أبنائي الذين هم رعيته.
4- أريد مديراً يعمل بقانون البقاء للأصلح.
5- أريد مديراً يعمل بقانون حسن الظن والأصل في الناس السلامة، ويبعد عن أسلوب تصنيف أبنائي بسبب آرائهم وتوجهاتهم.
6- أريد مديراً شعاره لكل مسؤول في الجامعة «متى استعبدتم الناس وولدتهم أمهاتهم أحراراً».
7- أريد مديراً يبعد عن الارتجالية في اتخاذ القرارات.
8- أريد مديراً يستوعب أبنائي فلا يلجؤون للإعلام ولا للوزير وتكون جميع أمورهم محلولة داخل بيتي فقط.
وفي الختام تحية شكر وتقدير وعرفان لأصحاب المعالي الذين خدموا الوطن في مناصبهم، وأخص معالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد العنقري. وتهنئة طيبة لأصحاب المعالي الجدد على الثقة الملكية فيهم. وأسال الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وأن يحفظ الوطن وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وحياة سعيدة في ظل ولاة أمرنا -حفظهم الله.
د. صالح بن حمد العيد - الأستاذ المساعد بكلية اللغات والترجمة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية