الإسلام دين السلام والمحبة والتسامح والنقاء والألفة والبياض، وقد بعث الله خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) لسعادة البشرية كافة، فحمل رسالة سماوية سامية تدعو المسلمين للتحرر والانعتاق من الظلم والرق والاضطهاد والعبودية، وتدعوهم لإعلاء ناصية العلم والتعلم، فكان العلم فريضة على كل مسلمة ومسلمة على حد سواء، وتدعوهم إلى التواد والتلاحم والمحبة والشفقة والوئام، فحري بنا أن نراقب أنفسنا لنرى إلى أي حد اتخذناه قدوة لنا، وإلى أي حد تمسكنا بقواعد التعايش السلمي مع الناس والمجتمعات والأمم الأخرى، بيد أن المؤسف له إننا سمعنا في الألفية الثالثة بمن أفتى بقتل الأجنة وهم في بطون أمهاتهم لا لشيء إلا لأن بذورهم نبتت في أرحام أخرى، فالذين يسيؤون للإسلام هم الذين يذبحون الناس ويقتلونهم على الهوية والتوجه والاتجاه والتفكير والتحليل، وهم الذين يفجرون المساجد ودور العبادة والجسور والطرقات، ويحاولون نسف كل ما هو حي ونام، ويقتلون الأبرياء في الأسواق والمطارات والمنافذ الحدودية والجامعات والمدارس والفنادق، ويفعلون الأفاعيل المخزية باسم الدين، إن الذين يسيؤون للإسلام هم الذين يعلمون صغارهم مبادئ الحقد والبغض والحسد والكراهية، ويغرسونها في قلوبهم، ويغذونها بالخرافات البالية المنبعثة من أوكار الجهل والظلام والتخلف، إن الذين يسيؤون للإسلام هم الذين جمدوا الدين في صور الاستعراضات الخارجية باللبس ولأزياء، وحددوه بتفاصيل وصور وأشكال، أن الذين أساءوا للإسلام هم الذين خذلونا وتآمروا علينا، وباعوا أنفسهم للشيطان، وحاولوا بيعنا معهم، وتحالفوا مع قوى الشر والظلام والخراب، وأعلنوا الخضوع والخنوع لأعداء الحق، وتنكروا لكل القيم والأعراف والمواثيق، أن الذين أساؤوا للإسلام هم الذين يتشدقون بالكلام الرنان، ويتحذلقون بدعوة الناس للتعايش السلمي، لكنهم يحثون أتباعهم في الخفاء نحو التنافر والتباعد والازدراء، فكان التكفير عنوانا بارزا للمسالك التي انتهجوها في تعاملهم اليومي مع الناس، أن الذين أساؤوا للإسلام هم الذين لا يحسنون التحاور مع الناس إلا بالمسدسات الكاتمة والعبوات اللاصقة والأحزمة الناسفة، ولا يحسنون العمل إلا بالعنف ونصب الكمائن، أن الذين أساؤوا للإسلام هم الذين يقتلون الناس دون وجه حق تقربا إلى الله، لقد كانت التعددية المذهبية في الفكر الإسلامي سمة واضحة من السمات، التي اتسم بهالمسلمون في عصور الألفة والتسامح، لكننا لا نجد شيئاً من تلك التعددية في ضوء الأفكار التكفيرية التحريضية المتقاطعة مع المبادئ الإسلامية الرفيعة، والتي تبثها وتغذيها الفضائيات الطائفية البغيضة المتخصصة في بث الفرقة، وتأجيج النعرات، وإشاعة الفوضى، إن الذين يسيؤون للإسلام لا يمثلون الإسلام، ولا علاقة لهم به، فليست أخلاق هؤلاء أخلاق المسلمين، ولا سجاياهم سجايا الذين آمنوا بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه، وخير الناس من نفع الناس، والكلمة الطيبة صدقة، ورأس الحكمة مخافة الله، إن الذين يسيؤون للإسلام مثلهم مثل الأحراش الطفيلية التي تشوه نضارة الحقل والبستان، لكنهم سرعان ما يختفون ويزولون، لتعود الحياة بدونهم بلا جدب ولا تصحر.