** لا يتوقف الانجليز عن الجري حتى في عطلة أعياد الميلاد.. بل إن الأندية ومنسوبيها يواصلون العمل على أكمل وجه بهدف تقديم المتعة للجماهير الكروية العاشقة في المملكة المتحدة، ويأتي ذلك من خلال جدولة مباريات بطولة الدوري لتكون في يوم السادس والعشرين من شهر ديسمبر من كل عام.. وهو اليوم الذي يلي يوم «الكريسميس» والذي جرت العادة هناك بأنه اليوم الذي تفتح فيه صناديق الهدايا، ومن التعليقات الطريفة هذا الموسم هو المزحة التي قالها المدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينهو لوسائل الإعلام قبل مواجهة فريقه تشيلسي لضيفه ويست هام يونايتد يوم الجمعة الماضية حينما قال: « لا أعتقد بأن منافسينا سيقدمون لنا الهدايا في يوم البوكسينغ داي». في إشارة واضحة من المدرب الخبير للاعبيه بأن يقاتلوا من أجل انتزاع النقاط لأن منافسيهم لن يقدموا لهم الهدايا.
** ثلاث مباريات سيلعبها كل فريق في بطولة الدوري الانجليزي الممتاز خلال ستة أيام فقط (26 و 28 من شهر ديسمبر بالإضافة للأول من شهر يناير) حيث سيواجه المدربين خطر الإجهاد الذي قد ينال من لاعبيهم بالإضافة إلى خطر الإصابات التي قد يتعرضون لها وسط ضغط المباريات، وهو ما يجبر كل مدرب على الإعتماد على قائمة اللاعبين المتوفرة لديه بصورة كاملة دون تجاهل أو تهميش دور أي لاعب تم تدوين أسمه لتمثيل الفريق قبل إنطلاق الموسم.
** ويرى مسؤولو ونقاد وخبراء الكرة الانجليزية أن أيام «البوكسينغ داي» هي إختبار حقيقي للقوة الكاملة لكل الفرق والتي تتضمن قوائمها على أسماء اللاعبين الأساسيين والإحتياطين حيث أنه خلال ستة أيام وبعد لعب ثلاث مباريات متتالية فإن الفرصة متاحة للفرق الأقوى بدنياً وعناصرياً لأن تأخذ مكانتها الطبيعية في سلم الترتيب العام لبطولة الدوري، وهو ما يتضمن تطبيق الجوهر الحقيقي لمبدأ العدالة.. خاصة لتلك الفرق التي عملت جاهدة على ترصين صفوفها بلاعبين مميزين يمثلون الفريق إما أساسياً أو إحتياطياً.
** واين روني قائد المنتخب الانجليزي ومهاجم مانشستر يونايتد وجه رسالة هامة لزملائه بأن الفوز في مباريات «البوكسينغ داي» سيقلص الكثير من الفوارق مع منافسيهم على مراكز المقدمة، وسيمنح اليونايتد دفعة قوية إلى الأمام لمواصلة المنافسة على اللقب، وهو أمر تعلمه روني من مدربه السابق والخبير أليكس فيرجيسون الذي كان يرمي بكل ثقله خلال فترة أعياد الميلاد لإستغلال كامل الأسماء المتوفرة لديه ليحقق الفارق النقطي المطلوب للإبتعاد عن منافسيه، وهو ما ساهم في تفوق اليونايتد خلال السنوات الماضية ودفعه لزعامة بطولات الدوري على حساب كلاً من ليفربول، تشيلسي، أرسنال.
** المنطق يقول إن تشيلسي هو الأقوى (حالياً) من حيث الأسماء الأساسية والاحتياطية، وإن أيام «البوكسينغ داي» ستساهم كثيراً في توسيع الفارق مع منافسيه في حال تعثرهم أو تعرض لاعبيهم للإصابات أو الإجهاد. ويعلم مورينهو جيداً أن مبدأ المداورة بين أسماء لاعبيه في التشكيلة الأساسية التي سيخوض بها المباريات الثلاث هو أحد أهم العوامل التي ستساعده على تخطي معضلة الإجهاد.
** ما يدعم حظوظ تشيلسي (المتصدر) على بقية منافسيه أن لاعبيه أقوى بدنياً.. خاصة إذا ما علمنا أن القائد جون تيري (على سبيل المثال) لعب كل الدقائق في مباريات البريميرليج ولازال يتألق خاصة وأنه سجل هدفين في أخر مباراتين خاضمها مما يعكس قوة البلوز من الناحية البدنية.
إضافة لذلك تقول الإحصائيات إن المدرب جوزيه مورينهو سبق له وإن توج بطلاً للشتاء سبع مرات مع أندية بورتو وانترميلان وريال مدريد وتشيلسي وأكمل مهمته بالفوز ببطولة الدوري مع نهاية الموسم، وهو ما يحدث حالياً حتى الأن حيث أن لغة الأرقام تقف أيضاً في صف الأسود الزرقاء.
**ختاماً.. ما الذي ممكن أن نستفيده من «البوكسينغ داي» في كرتنا العربية؟ هل بإمكان أنديتنا ولاعبيها أن يقدموا لنا المتعة الكروية خلال فترة عطلة العيد (على سبيل المثال)، وذلك بلعبها ثلاث مباريات خلال ستة أيام؟ هل يجب على لجان تنظيم وجدولة المسابقات أن تطبق جوهر مبدأ العدالة وتجبر الأندية على استغلال كامل لاعبيها خلال منافساتها الكروية بدلاً من إجهاد بعض اللاعبين وتهميش البعض الآخر؟. هل سيكون ذلك في مصلحة الكرة العربية وعشاقها ومتابعيها؟.