الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فقد وافق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظه الله على الميزانية العامة للدولة. جاء ذلك في جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي رأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظه الله - يوم الخميس الموافق 3-3-1436هـ الميزانية العامة للدولة للعام 1436-1437هـ في مدينة الرياض وقد جاءت تحمل في طياتها كل الخير لأبناء مملكتنا الحبيبة على اختلاف مستوياتهم وتنوع تخصصاتهم ودرجاتهم الأمر الذي معه تتحرك مشاعر كل فرد من أفراد وطننا وتدفعنا إلى التأمل في مواطن قوتها، ومصادر عزتها وذلك من خلال النقاط التالية:
الأولى: ان ميزانيتنا الحقيقية نحن أبناء هذه الأمة السعودية هي في عقيدتنا وديننا ومبادئنا ووطننا وطن الاسلام والسلام وولاة أمرنا، الذين صنعوا وبتوفيق من الله مجدنا، ورعوا حضارتنا وتاريخنا وسطروا أروع الأمثلة في ذلك، فإنهم ومنذ توحيدها على يد المؤسس لهذا الكيان العظيم الذي لم يعرف له التاريخ الحديث نظير الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- حتى عهد قائد المسيرة، وباني النهضة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وساعده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء -وفقهم الله- قد حملوا على عواتقهم خدمة هذه البلاد، وبذل الغالي والنفيس، وتسخير كل الإمكانيات من أجل تقدمها وتطورها ورفاهية شعبها، وتسهيل جميع الوسائل والأساليب المحققة لراحتهم، ومسايرتها للعالم الحديث، لتقف شامخة كالطود في مصاف الدول التي تحسب لها الحسابات، وينظر إليها نظرة اعتزاز وافتخار، وذلك وفق خطا ثابتة، وسياسة حكيمة، ونظرات صائبة، وآراء ناضجة، وعمل دؤوب، وجهود مستمرة لا تمل ولا تكل، غير مغفلة الثوابت والأصول والقواعد التي أسست عليها، والمنطلقة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف هذه الأمة، والتي هي الحصن الحصين، والركن الركين، والسياج الحامي، والدرع الواقي بعد الله سبحانه للمملكة قيادة وشعباً فمنها عزتهم وتمكينهم، وإليها يعود نصرهم واستمرارهم وثباتهم.
الثانية: إن هذه الميزانية تعتبر أعلى ميزانية في تاريخ هذه الدولة المباركة مما يدل دلالة واضحة على أن بلادنا الغالية مقبلة على مرحلة كبيرة من التطور والنماء والرخاء فالحمد لله الذي أنزل علينا رحمة من السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض ونسأل الله المزيد من فضله.
الثالثة: ثبات الاقتصاد السعودي، وقدرته وبكل اقتدار وكفاءة على مجاراة أقوى الأنظمة الاقتصادية، ووفائه بمتطلبات الوطن والمواطن في جميع المجالات التعليمية والصحية، والخدماتية والاجتماعية، واستمراره في دعم المشاريع التنموية القائمة والجديدة، وهذا يحدث ويوجد بتوفيق من الله ثم بجهود ولاة الأمر، رغم ما تمر به الاقتصاديات في العالم من تضخم، وتدهور، وعجز وضعف، ليكون ذلك حججاً دامغة وبراهين ساطعة في وجوه الحاسدين والحاقدين، الذين لايفترون عن التشكيك والتشويه في كل ما يتعلق ببلدنا.
الرابعة: ان المتآمل والمدقق في نمو هذه الميزانية المباركة وتقلص الدين فيها بشكل ملحوظ وكبير عبر ثلاثة عشر عاماً يرى ما يسر خاطره ويثلج صدره ويجعله متفائلا تفاؤلاً كبيراً فمن عجز بلغ في عام 2003م 8.659 مليار ريال الى 44 مليار ريال فقط في نهاية عام 2014م مما يعتبر في مقاييس الاقتصاد وعرف الاقتصاديين على مستوى العالم امرا نادرا او شبه مستحيل لا يمكن ان يتحقق ولكنه تحقق بفضل الله ومنته ثم بسياسة حكيمة وعمل دؤوب مخلص صادق قام به وسعى اليه وحققه على ارض الواقع وبكل كفاءة واقتدار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بحكمته وحنكته وجهوده الكبيرة والمتميزة على المستوى الداخلي والاقليمي والعربي والاسلامي والدولي.
وليعلم الجميع ان نسبة الدين في ميزانية هذا العام تعتبر من اقل دول العالم دينا حتى الدول الكبرى فبارك الله فيها وعم بنفعها الجميع.
الخامسة: إن ميزانية الخير والعطاء والثبات والنماء والطموحات تدل على أن القواعد والرواسخ التي ينطلق منها اقتصادنا قوية ومتينة وثابتة ومتطورة ومتحسنة لا تؤثر عليها المؤثرات ولا تهتز ولو مع قوة الحوادث والصوارف، وستزداد -إن شاء الله- نماءً وقوة في كل يوم يمر علينا.
السادسة: ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين -حفظهما الله- من حث لجميع المسؤولين على متابعة المسيرة وذلك فيما يتعلق بتحقيق أرقى وأعلى المستويات في الخدمات المقدمة للمواطنين التي من خلالها ينعمون بكل رفاهية وراحة، ولذلك نجد أن البنود المخصصة في الميزانية لهذا الأمر قد زادت واستمرت بنسبة ظاهرة تبشر بالخير، وهذا دليل قاطع على ما يكنه قادة هذه البلاد لأبناء بلادهم من محبة وتقدير، وما يهيئونه لهم من الوسائل والأساليب ولو كان على حساب أشياء كثيرة من أجل سعادتهم وطمأنينتهم واستقرارهم، ورغد عيشهم، وليستمروا في العطاء، ويكونوا لبنات صالحة في هذا الوطن الغالي، فهنيئاً لنا بهؤلاء الرجال الأفذاذ الأماجد الذين قدموا راحة شعبهم على راحتهم، وسهروا من أجل أن يرقدوا، وتعبوا حتى يهنأوا.
وهذا لا يحتاج إلى ثوابت أو بيان، فها هو خادم الحرمين الشريفين قد بذل نفسه وجند إخوانه وأعوانه وأولاده وأمواله وسخر كل أوقاته بل إنه كان يجوب دول العالم طولاً وعرضاً، شمالاً وشرقاً، ويغيب عن وطنه شهوراً وبذل كل جهده وفتح أبوابه للصغير والكبير، وعلى نفس الطريق يسير سمو ولي عهده الامين وسمو ولي ولي العهد النائب الثاني -وفقهم الله-، فيعملان ويجتهدان ويواصلان مشوار أخيهما ليحققوا هذه الغايات السامية التي تصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطن.
السابعة: لا شك أن التعلم والتعليم بما له من أهمية بالغة وأثر وتأثير على مسيرة الأمم وتقدمها وحفاظها على ثوابتها هو الهاجس الأول لخادم الحرمين الشريفين (ملك الإنسانية) وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد النائب الثاني ، ولذلك فإنه يجد كل الدعم والمساندة والمتابعة منهم رعاهم الله، سواء التعليم العام، أو العالي، الأكاديمي أو المهني والفني والتقني للذكور والإناث بل إنه قد لاح في الأفق من خلال الإعلان عن ميزانية هذا العام تخصيص ميزانيات مناسبه لعدد من مؤسسات التعليم العالي التي انشئت حديثا في مختلف مناطق المملكة إضافة إلى ما سيجده هذا الجانب الحيوي المهم من دعم ومؤازرة بالصورة التي تجعله يتمكن من الوفاء بمتطلبات مجتمعنا وتلبية الحاجة الملحة والزيادة المطردة في إعداد الطلاب والطالبات، وذلك في إيجاد فرص التعليم على مختلف أنواعه وتخصصاته مع دعمه بالوظائف التعليمية التي تسد الحاجة في ذلك، بل ان جميع قطاعات الدولة ووزارتها على مختلف أنواعها وتنوع تخصصاتها قد نالت حظا كبيرا من هذه الميزانية مما سيكون له الاثر في البناء والتطوير والتأهيل والانشاء وكل ما يحقق آمال أبناء هذا المجتمع الطيب والمجتمع الكريم.
نسأل الله العلي القدير أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمرنا، وأن يوفق ولاة أمرنا، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، لكل ما يحبه ويرضاه، وأن يجعل ما يقدمه للمسلمين في كل مكان في موازين حسناته، وأن يرزقنا الإخلاص والاحتساب في القول والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.