(مشاكلك الخاصَّة خلها في بيتكم) هذا كان رد أحد المديرين في القطاع الخاص على أحد موظفيه عندما تقدم إليه بطلب حل مشكلة إداريَّة تخصه في عمله تفاقمت إلى أن سببت له مشكلات أُسرية مع والديه وزوجته بسبب تأخر حلها.
أكثر ما يثير استغرابي في العديد من المنظمات هو عدم اهتمام الإدارات العليا بالأحوال الشخصيَّة الخاصَّة لموظفيها التي بشكل أو بآخر تُؤثِّر تأثيرًا مباشرًا على أدائهم الوظيفي، فكيف إن كانت هناك مشكلة عائلية خاصة يعاني منها الموظف والسبب الرئيس في تفاقمها واتساعها هو بطء الاجراءات النظامية الداخليَّة في عمله كمشكلة تأخر توفير التأمين الطّبي أو عدم تجديد الإقامة أو تصفية مستحقات إجازة سنوية ونحوها وهي بنود نص عليها نظام العمل والعقد الوظيفي!!
بطبيعة الحال لا يوجد أيّ بند في العقد الوظيفي ينص على أن تراعي وتتفهم جهة العمل أيّ مشكلة أو ظرف أو أزمة أو احتياج خاص يمر به الموظف كرغبته باستقدام أسرته من بلاده لمدينة عمله كي يستقر اجتماعيًّا مثلاً، ولكن الغريب أن هناك مديرين يجهلون مدى أهمية أن يكون موظفه مستقرًا اجتماعيًّا ونفسيًّا وماليًا كي يظفر منه بأكبر قدر من الولاء والعطاء والإنتاجية!!
عندما تقف إدارة المنظمة موقفًا سلبيًّا أمام مشكلة خاصة يعاني منها الموظف علمت بوجودها ولم تساعده في حالها، أو كانت هي سبب في وجودها ولم تبادر بعلاجها (وهذا أدهى وأمر بالنسبة له) عندها نوجه لمديره المباشر هذا السؤال: كيف سيكون عطاء الموظف حينها عندما يأتي يوميًّا وهو كاره؟ وما حجم التذمر والاستياء الذي سيبثه بين زملائه بسبب مشكلته؟ وما نوع التفاعل الذي سيكون من زملائه واشتراكهم معه في عدم الشعور بالأمان الوظيفي؟
أختم بأن أحد الأصدقاء ذكر لي أن أخاه يعمل في شركة كبيرة ورئيس مجلس الإدارة رجل ذو وعي وخبرة إدارية، وهو دائمًا قريب من جميع الموظفين وعلى اتِّصال مباشر بهم من الإدارات العليا إلى أصغر موظف (وهذا هو نهج القادة بأن يكونوا دائمًا بين أتباعهم)، في يوم من الأيام حل ايجار منزل آخو صديقنا وكان في ضائقة ماليَّة حينها ارتسمت على وجّهه، لاحظ رئيس مجلس الإدارة ذاك التجهم والاستياء والحزن على ملامحه عدَّة أيام، لم يستدعه بل ذهب إلى مكتبه شخصيًّا وجلس معه يسأله عن حاله، تمنع عن الإجابة في البداية، ثمَّ باح له سره بالكامل وأن مكتب العقار أشعره للمرة الثالثة عن تأخر الإيجار وهذا هو سبب ما آل إليه حاله وما كان واضحًا عليه.
في اليوم الثاني استدعى محاسب الشركة صاحبنا المكلوم ليسلّمه شيكًا بمبلغ خمسة عشر ألف ريال صُرفت له من جهة عمله تحت بند مكافأة شكر وتقدير نظير العمل لمدة خمس سنوات متواصلة دون تغيّب وبحُسن سيرة وسلوك منه.
لكم أن تتصوروا حجم الولاء والانتماء الذي سيتولّد لدى هذا الموظف وحجم التفاني والعطاء الذي سيكون منه تجاه مديره ومنظمته بعد أن أسهموا في حل مشكلته.
- أحمد عبود العمودي