لا تتغير.. فضريبة التغيير ثقيلة، ومنهكة، تقلق مناطق راحتك، وتهز بيتك الداخلي، ثم تضعك في مواجهة غير مأمونة العواقب مع الخصوم والشامتين، ثم إنك قد تنجح، وقد تفشل، فلماذا تخاطر؟ وتخوض تجربة أنت في غنى عنها؟ في عام 2015 لا تقرأ.. فنسب القراءة في العالم العربي مشرفة ومشرقة بمعدل 6 دقائق سنويا، مقابل 200 ساعة فقط للفرد في أوروبا، ثم إن القراءة هي أسلوب حياة لدى القادة والعلماء والمثقفين، المشغولون بقضايا البشرية وتحسين حياة الناس، فهل أنت متأكد أنك تريد أن تفني حياتك في خدمة أشخاص لا تعرفهم؟ وتضيع ساعاتك الثمينة في قراءة صفحات كتبها شخص لم تلتق به يوماً؟
في عام 2015 لا تقبل أن يخالفك أحد بالرأي.. وتذكر أنك دائما على حق، وأن رأيك صواب يحتمل الصواب فقط، وكن جزء من تيار الرافضين والمتشبثين برأيهم، واحرص أن تتبع مبدأ «أنت لست معي فإذن أنت ضدي» ولا تستمع لمقولات عفى عليها الزمن كقول «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» أو قول الإمام الشافعي «رأيي خطأ يحتمل الصواب، ورأيك صواب يحتمل الخطأ»،
في عام 2015 لا تخطط للاثنى عشر شهرا القادمة، فالتخطيط هو صفة الناجحين، والمشغولين بشكل ونوع وجودة مستقبلهم القادم، وأنت غارق في هموم حاضرك وأوجاع ماضيك، ولا تملك الوقت الكافي لمقابلة الأوراق، ورسم الخرائط، وإعداد الخطط الخمسية، والعشرية، فأعط مساحة للعشوائية، واجعل الفوضى تسير حياتك.. فلا تدري فقد تكون ولادة وخلاقة!
لا تمارس الرياضة، فأرقام السكري والسمنة تطمئن وتبشر بالخير، فتصور أن ربع سكان المملكة فقط لا غير يعانون من السكري، و60% من المصابين من النوع الثاني من السكري يعانون من السمنة، التي باتت تشكل وباء في المملكة، إذ كشفت تقارير أصدرها كرسي أبحاث وعلاج السمنة في جامعة الملك سعود أن نسبة السمنة في بلادنا، بلغت 80% لدى الشباب والأطفال الذين يشكلون نصف تعداد سكان المملكة.. فلماذا تمارس الرياضة وتنهك بدنك وتهدر وقتك؟
في 2015 لا تمارس التأمل، إذ إن التأمل قادر على منحك الاسترخاء والتوازن الذهني والجسدي الذي يحتاجه جسدك، وأنت شبه خال من التوتر والقلق، في حين أن ثلث البشر حول العالم مصابون بالقلق. هل أنت تعتقد أنك منهم؟
في عام 2015 لا تقرأ الصحف، ولا تشاهد الأخبار، ولا تتابع آخر مستجدات العالم، على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي وغيره، بل عش في عزلتك الخاصة، وتمتع بأنانية الكائن المحلي، الذي لا يعينه ماذا يحدث خارج أسوار محيطه، وإن ناقشك أحدهم عن قضية ما، احمل هاتفك الجوال انشغل به وأشعره بأن حديثه ممل ومكرر.
في عام 2015 ، وتلك نصيحتي الأهم لا تصدق كل ما يكتبه الكتّاب، ولا ما يدعيه المثقفون، أو يتداوله «الواتس آبيون»، فقد تكون نصائحهم طريقاً يضيعك، وحكماً تدمرك، وكن أنت سيد نفسك وقرارتك.
فـ 2015 عام جديد، وصفحة جديدة، املأها كيف تشاء، فإما بالإنجازات، وإما بالتمنيات التي ظلت حبسية أدراج عقلك، سنوات طويلة، وإما بوعيك ونضجك، وبحثك الشخصي عن الحقيقة والحكمة التي هي «ضالة» المؤمن، أو باتباع إملائات الآخرين ونصائحهم التي قد تجرك للهاوية، أو تعينك على البقاء في محلك لسنوات طويلة قادمة، عبر وصايتهم وادعائهم أنهم الأقدر والأجدر على إجبار عجلة حياتك على المضي بالاتجاه الصحيح.. في العام الجديد، اسع أن تكون النسخة الأكثر الاستقلالية ووعي في تاريخك، فهذا ما يحتاجه عصرنا، وما ينقص مجتمعنا، بعيدا عن لغة الوصاية والنصيحة والإملاءات. وقتها ستكون نجحت فعلا.