كتب - محمد بن عبدالرحمن:
سنتان ونصف انصرمت من عمر هيئة الإذاعة والتلفزيون منذ صدور قرار تنظيمها من مجلس الوزراء والذي نص في فقرات التنظيم الثلاث المرفقة بالقرار على «الارتقاء بالخدمات الإذاعية والتلفزيونية»، لازلنا ننتظر كمتابعين ومشاهدين لقنوات هذه الهيئة الوليدة التي كبرت وشبت عن الطوق أن تلبي تطلعات وتوقعات جمهورها المحلي العريض الذي باتت تتلقفه الفضائيات التي تملأ الفضاء (1320 فضائية عربية بحسب آخر بيانات تم نشرها عبر اتحاد إذاعات الدول العربية 2014).
التلفزيون بوصفه وسيلة الإعلام الأكثر تأثيراً حتى في ظل صعود مؤشرات وسائل الإعلام البديلة والجديدة وتنامي تأثيرها على أغلب شرائح المجتمع، فضلاً عن كونه آلة ترفيه وتثقيف وتسلية إلا أن هذا الدور الأخير لايزال معطلا في التلفزيون فلا ترفيه ولا تسلية تستطيع منافسة القنوات المحيطة بها إقليمياً، غني عن الذكر أن المسلسلات هي البوابة العريضة للترفيه والتسلية في أجندة المحتوى التلفزيوني، وهي كذلك المادة الأكثر طلباً للمشاهد وللمعلن على حد سواء، باستعراض سريع لأهم مشاريع التلفزيون خلال العامين الماضيين على صعيد المسلسلات يبرز مسلسل «عندما يزهر الخريف» كأكبر مسلسل حظي بدعم مالي في تاريخ التلفزيون السعودي منذ نشأته إذ كلف خزينة «الإذاعة والتلفزيون»، التي تشتكي من شح مالي على لسان رئيسها في أكثر من لقاء تلفزيوني 15 مليون ريال، لنتجاوز الرقم المالي «الضخم» وتبدأ الأسئلة في التناسل تباعاً: لماذا لا يظهر أي أثر لهذا الصرف الباذخ على المسلسل؟
أين هم نجوم الصف الأول في الخليج ؟ لماذا تم تجاهل نجوم الدراما المحلية؟ لماذا تم استدعاء أسماء لم تضف للمسلسل أي جديد؟ أين تأثير المسلسل في المجتمع؟ لماذا لم يحقق الصدى والمتابعة الجماهيرية لدى الجمهور على الرغم من عرض أكثر 40 حلقة على شاشة القناة السعودية؟ وثمة أسئلة أكثر إلحاحا: لماذا تم تسويق العمل على قناة مشفرة (قناة osn) قبل عرضه الأول على شاشة القناة السعودية وبمبلغ زهيد لا يغطي ربع التكلفة؟ لماذا تم إحراق المسلسل قبل أن يبدأ فالمسلسل الآن عرض منه أكثر من 84 حلقة على موقع يوتيوب بعد تسربها وتسجيلها من الناقل الأول «osn» .
ومن المسؤول عن إهدار مثل هذا المبلغ الفلكي الذي كان من المنتظر أن يصنع ملحمة درامية كبرى وتبديده في مسلسل كل ما يتمتع به أن كاتبيه هما من كتب المسلسل التركي الشهير «سنوات الضياع»، وهل انجرف القائمون على التلفزيون وراء خدعة «السوب أوبرا» والتسعين حلقة، وهل صحيح سيتم تعميد نفس المنتج بجزء آخر من 60 حلقة بمبلغ فلكي آخر لكي تكون امتداداً للمسلسل اللي «ما أحد جاب خبره»؟ التلفزيون السعودي الآن مطالب أكثر من أي وقت مضى بالانفتاح على تجارب جديدة في عالم الإنتاج التلفزيوني الدرامي وتوسيع دائرة المنتجين بدلاً من الدوران في فلك منتج واحد يتعامل بذهنية «التاجر» ويقوم بـ «سلق» أعمال رديئة المحتوى ولا تحمل أي جديد سوى حوارات ركيكة وممجوجة وشعارات زائفة على غرار «السوب أوبرا» سالفة الذكر.