في الشهر الماضي، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني مشروع الموازنة المالية الجديدة لبلاده من خلال خطبة ألقاها بنفسه أمام مجلس الشورى ونقلتها وسائل الإعلام الإيرانية، وبغض النظر مما تضمنته خطبته إلا أن ما يلفت انتباهنا أن أهم شخصية سياسية في الحكومة الإيرانية تعلن وبشكل رسمي أن صافي إيرادات النفط في بلاده لا تتعدى الآن نسبة 33 بالمئة من الإيرادات الإجمالية للموازنة المالية وأنه يسعى إلى تخفيض هذه النسبة لأقل من ذلك في السنوات القادمة.
لن أتطرق إلى مصداقية هذا الرقم في دولة تفتقد أساساً إلى مصداقية في بقية الأرقام الاقتصادية التي تعلنها رسمياً من وقت لآخر وهذا شأنهم مع كامل الاحترام، ولكن سأتطرق إلى نقطة مهمة جدا تتمثل في مبررات وجود جمهورية إيران الإسلامية ضمن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وهي التي تعلن رسمياً وبلسان رئيس حكومتها أن صافي إيراداتها من النفط لا تشكل إلا أقل من الثلث فقط بالنسبة لمجمل الإيرادات!!! بينما ينص ميثاق الانضمام للمنظمة على أن يشكل صافي الإيرادات النفطية لجميع الدول الأعضاء أهم مصادر الدخل القومي وبشكل يشابه بقية الدول في المنظمة.
هنا يجب أن ننتبه إلى نقطة مهمة وهي أن صافي الإيرادات النفطية بالنسبة لإجمالي الإيرادات لدى غالبية الدول الأعضاء في المنظمة هو في واقع الأمر عند نسب مرتفعة جداً تزيد عن 90 بالمئة وفي أسوأ الاحتمالات لن يقل المتوسط عن نسبة 80 بالمئة، بينما انسحبت إندونيسيا من المنظمة في عام 2008م لهذا السبب فيما لم توجه الدعوة حتى الآن إلى روسيا للانضمام (و لو بصفة «عضو محتمل) وهي التي يشكل صافي إيراداتها النفطية من مجمل الإيرادات ما يزيد عن نسبة 50 بالمئة، ويبقى التساؤل مطروحاً: لماذا تبقى إيران في منظمة أوبك؟
أعتقد أن أمام الحكومة الإيرانية خيارين: إما تقديم طلب بالانسحاب من منظمة أوبك لعدم أحقيتها بالعضوية استناداً إلى ميثاق المنظمة ومعيار الانضمام الذي لم يفرق صراحة بين الدول المؤسسة والدول الأعضاء، وإما الاعتراف رسمياً أمام مواطنيها بتقديم أرقام اقتصادية غير دقيقة. وإذا لم تلتزم الحكومة الإيرانية بتنفيذ أحد الخيارين فهذا شأنهم الخاص، لكن المصيبة ستكون أعظم لأن المواطن الإيراني أولاً ثم الرأي العام الدولي سيجدون دليلاً واضحاً وضوح الشمس على تناقضات الحكومة الإيرانية في تعاملها مع مواثيق المنظمات الدولية!