لماذا يكثر الفساد في بعض الوزارات، والقطاعات الخدمية..؟,
وبمجرّد أن يتبدّل وزير, أو رئيس مكان آخر سبقه, يبدأ بجدِّية ينبش في أسبابه فيجد الفساد رتلاً بعضها صلداً يحتاج لوقت طويل لمعالجته حتى يتراخى للزوال.., وآخر يُلمس مباشرة فيتخذ فيه مبادرة إصلاح..
جاء هذا عياناً في وزارة الصحة, فيما ظهر من فساد في إدارات أخذ رؤساؤها المكلّفون بها لتقديم استقالاتهم,.. وبدأت حملة التطهير متقدة بعون الله.. كذلك فعل وزراء جدد بالعمل على التغيير, والتبديل في مواقع القيادات، وفي نوعية الإجراءات عسى أن يوفقهم الله..
لا أحسب أنّ أحداً سبق، أو لحق يريد الأول منهم أن يستشري الفساد، وإن كان من تحت الطاولة في وزارته, كما أن ليس الثاني يتظاهر بالإصلاح..
لكن الفرق بينهما هو أنّ الأول اتكل على فريقه, وأحسن به ظناً مفرطاً.., وحمَّله مسؤولية المواجهة، وركن إلى ثقته فيه.., فتراكم الفساد..
والثاني يتوثّب للإصلاح، ولعل الله أن يفيد بنيته، ويثبه على الحق في واجبه.. ويعينه بمن يخلص معه..
ولو نظر المرء إلى إدارة أسرة مكونة من أفراد قليلين، واتجه صوب خصائصهم الفردية, وطباعهم, وسلوكهم, فلسوف يكشف فروقهم المتباينة، فهم ليسوا سواء مع أنهم يتناولون اللقمة من طبق واحد، ويقابلون وجوه والدين يحملون لهم النصيحة ذاتها, والتوجيه نفسه.. بفكر واحد ومنهج واحد..
لكن يصعب على الوالدين في أُسرهم أن يتعاملوا مع أفرادها على سواء.., فكيف بوزارات ومؤسسات كبرى لا يمكن لفرد واحد فيها أن يتولى المباشرة الفورية الشخصية مع كل شاردة, وواردة فيها, بل مع كل فرد يصعد في صدره نفَسٌ ما لم يكن هناك تنظيم دقيق, ومسؤوليات مناطة, وتكليف مباشر, ومتابعة تنفيذ مستديمة، ومراقبة يقظة، وعدم تجاوز حازم, أولاً بأول لا يرتضي الزلل، والخطأ، مع إقامة العقوبة، بمثل تقديم المثوبة أولاً بأول.. لا تفريق بين العاملين لا درجة، ولا مقعداً، لا تقرباً، ولا إقصاءً، لا تآلفاً ولا تنافراً..!
ثمة ما يكون المنطلق والقاعدة لنجاح أي قيادي حين يجعل أول مسؤولياته, وألزم واجباته متابعة واردات مؤسسته المالية، ومعرفة مصادرها، وتقنين طرق الصرف، ورصد مآلاته..!
فالفساد المالي مفرق الإجادة، والفساد.., ومسلك الخطأ، والصواب, ومآل الأمانة، والتفريط, وحصيلة الإنتاج، والركود..
فلا يفسد النفوس غير المال..!, ولا يفسد العمل غير الاتكال..!
يجيء هذا في إثر القرارات النبيلة التي اتخذها وزير الصحة بعد نكسات كثيرة آلت إليها أهم الوزارات ارتباطاً بصحة الفرد على مدى طويل....!
ولعل في تطهير الوزارة من سياسة الاتكال، والتفويض، والإنابة, دون متابعة جعل من الثقة مدار الفشل، ..
فإشراف الوزير مباشرة على أمر تقصي، ومتابعة تطوير مرافق الوزارة، وعلى أداء الأفراد الكبير منهم، والصغير, واستماعه لشكوى المستشفيات، وقراره بالعمل الفوري لتحسينها، بل بالتخطيط لنقلها لمستوى يليق بمهامها مثل مستشفى «النقاهة» لهو الخطوة التي بعثت السرور للنفوس، وأعادت الطمأنينة في مجرى الحلم بها..!
فلا تفويض دون مراقبة، ومتابعة, ولا شاردة, ولا واردة إلاّ تحت نظر الوزير إن شاء الله..
وهو ما يرجى من كل مسؤول, وينظر إليه في أدائه.