خَسِرَت وخابت تجربتهم الثانية لاختبار قدرات أجهزتنا الأمنية، وخابت أماني كل منتظر لنصر داعشي قاعدي في بلادنا، وخابت تطلعات كل مُنصت مُتربص لخبر كهذا يُسَجّل كنصر لهذه الفئات الضّالة المضللة، وربما نطق بعض من أنصت ليجيز الحادثة
كونها موجّهة لأعداء الدين، هكذا تخريجهم وهذه وطنيتهم، وإن حادثة (جديدة عرعر) جاءت لتدعونا مُجدداً للمبادرة بالبحث الموضوعي المتجرد عن مصادر الإرهاب الحقيقية التي تهدد أمن بلادنا واستقرارها، فالتشخيص بداية صحيحة لعلاج ناجع، كما أن الحادثة في نظري تُعَد نصراً للأمن السعودي رغم فقد الأنفس الطاهرة والدماء الزكية التي اُريقت على ساحة الحدث، وكل مواطن مهما بَلَغَت درجته ورتبته يُفقد في ميدان الشّرف والشهادة في سبيل الدين والوطن هم عندنا سواء في درجة المواطنة وفي درجة التقدير، وهم سواسية في ميادين التضحية والفداء، والدعاء لهم بنهاية اُخْرَويّة سعيدة هو دعاء مُوحّد لا يُفَرّق بين رتبة وأخرى، كلهم أبناء الوطن الأوفياء، تتوحد القلوب نحوهم كما تتوحد دائماً لكل ما يعنيه الوطن وقيادته، هكذا يعلمنا الإسلام الحنيف؛ الوفاء لتراب الأوطان ووحدتها وصيانة أراضيها وحدودها، وحماية الأهل والمقدرات من كل مُعْتَد ومُغْرض من الداخل والخارج، هذه التعاليم الإسلامية تبقى أمانة في عنق كل مواطن يُخْلص بحقوق المواطنة وينبذ العقوق للأهل والوطن، وللعقوق صور شتى ومواقف مختلفة؛ فمن يصمت عن عدوان الحاقدين على الوطن فهو عاق، ومثله من ينعق مؤيداً لهم، ومن ذلك أيضاً خيانة الوطن بتهريب المتسللين المخربين فمنهم من جاء لا للتكسب بل للإفساد ومساعدة رؤوسهم المنتظرين منهم للمعلومات وتحديد المواقع المستهدفة، فمن يُهرّب مُتسللاً مهما كان غرضه وقصده فهو خائن لبلاده، فنحن أمام فئات من المخالفين لا تراعي أي قوانين وإجراءات وأنظمة، ولا زالت تُمعن في اقتراف كل المخالفات والمحذورات وتتجاوز الخطوط الحمراء، وهي في حقيقتها لم تأت الا لذلك، وهل تسللت للإصلاح في بلادنا؟ وهل يدرك مهربهم الخائن هذه الحقيقة؟ نعم هو يعلم هذا جيداً، لكن نزعة الغدر والأنانية والمصالح الشخصية على حساب أمن الوطن تدفعه بهذا الاتجاه والمنزلق الخطر، فالنداء يتجدد لنا جميعاً كمواطنين أن نتعاون مع الأجهزة الأمنية وأن يتصاعد لدينا الحس الأمني حتى يصل لدرجة الشك والظنون على أساس المرحلة المُعاشة من مواجهة عدو مترصّد، وافتراض أحداث متوقعة يرسم لها العدو ستحدث بعد وقت قريب، وأكرر ما كنت قلته: (إننا في الواقع نواجه عدواً خطراً لا يعرف الرحمة ولا يكل من ابتداع الحيل والمكر والخديعة مهما كلفه الثمن لإيذائنا والاخلال بأمننا، وصدع تماسكنا، ومُهمٌ جداً الاستفادةمن كل حدث لتدارك الأخطاء، وحري بالعقول المستنيرة التي نالت نصيباً من العلم في أي مجال أن تكون هي القدوة للآخرين، تضيء دروب الأجيال ومن عميت عيونهم عن نور الطريق القويم، والسعي لمعرفة وقراءة واقع المجتمع ثم المضي بالتوعية بكل صورها وطرقها، في محاولة جادة صادقة لمحاصرة كل تفكير منحرف من شأنه تعكير صفو المجتمع، وتفكيك لحمتنا المتماسكة، وتفريق كلمتنا المجتمعة المتوحدة على الحق والعدل ونبذ الفرقة، والناي بمجتمعنا عن التجاذب والتحارب.