طرح الفنان التشكيلي عبدالرحمن السليمان قبل أيام في مقال عنوانه (بعض فناناتنا) رؤية منصفة عن مسيرة عدد من التشكيليات السعوديات المعاصرات والناشطات بأعمالهن ومشاركتهن مؤخراً، وكان المقال يقدم لمحة سريعة وعميقة وجميلة عن الحراك الذي تشكله التشكيليات, وهو ما أثار بعض ردود الفعل المستغربة من عدد من الفنانين والفنانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تقليل من أهمية الدور الذي تقدمه التشكيليات السعوديات وكأنما أرادت هذه الأصوات وأد التشكيليات السعوديات والتشكيك في كل ما يقدمن وهي ذاتها ردة الفعل التي حدثت عندما كان اسم أحد الفنانات التشكيليات ضمن لجنة تحكيم مسابقة محلية مؤخراً، فثارت ثائرة العديد من الفنانين والفنانات في رؤية أحادية تقصي التشكيليات عن أي مساهمة في الحراك التشكيلي, ولكن هذه النظرة لا تتعدى أن تنحصر في عدد محدود وأتمنى أن يكون غير مؤثر, فالتشكيليات الحقيقيات الصادقات مع تجربتهن في الوسط التشكيلي المحلي يعانين بين مطرقة النظرة الأحادية الإقصائية التشكيكية, وبين سنديان العمل على البناء الذاتي لفنهن ومشاركاتهن وانتشارهن, ومع ذلك كله لايزال هناك كثير من الأمل في دعم التشكيليات وتطوير تجاربهن ونقدهن وتوثيق ما يقدمن وهو ما يبدأ من بين صفوف التشكيليات أنفسهن فعلى سبيل المثال ما قدمته الدكتورة مها السنان من مقالات تشكيلية على مدار سنوات ومن توثيق بعض من مسيرة التشكيل النسائي بالسعودية من خلال كتاب (المرأة والفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية) والذي استعرضت فيه دور وتأثير المرأة في مسيرة الفنون التشكيلية السعودية المعاصرة ومساهمتها في دعم الفن التشكيلي، واحتوى الكتاب أيضاً قراءة لأعمال خمس عشرة فنانة سعودية وهو ما يعتبر إضافة لصالح الفنانة التشكيلية سواء فيما استعرض من تجارب أو كونه مؤلفا من تشكيلية أكاديمية يعنى بالتشكيليات، والأقلام التشكيلية النسائية أيضاً تتحمل الكثير من الرقي بالساحة التشكيلية المحلية وهي حاضرة من خلال ما تكتبه كل من الفنانة هدى العمر والدكتورة حنان الهزاع عبر الكثير من المقالات وحضور الدكتورة ندى الركف مؤخراً وغيرهن كثير, ولعل تكريم الفنانة صفية بن زقر في اثنينية عبدالمقصود خوجة على منجزاتها وخدمتها للساحة التشكيلية والثقافية في مسيرتها كرائدة من رواد التشكيل السعودي يعطي مؤشراً على أن هناك من يقدر ما تقدمه التشكيلية السعودية من عمل وجهومشاركة وإن كان التطلع أكبر للدعم والتكريم للتشكيليات من المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة لتكتمل منظومة العمل التشكيلي بشقيه.
وفي صورة أخرى من صور الوأد التي تمارس ضد المنتميات للتشكيل بالسعودية سواء من المواهب أو المبتدئات أو حتى الفنانات وهي المبالغة في المديح والإطراء والتمجيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمنتجاتهن ولو كانت بدائية فهذا التظليل والتمجيد غير المبرر لأعمال لم تنضج وتجارب لم تتضح ملامحها يعتبر وأدًا بطريقة عكسية يجعلهن واهمات في الوصول لمستويات عليا سرعان ما يسقطن منها في مقبرة الحقيقة.