هاتفني أحد الزملاء الإعلاميين القدامى قبل أسابيع، وكان يشكو من تسلق بعض الأشخاص بادعائهم الانتساب للإعلام من خلال وضع ألقاب براقة في مواقع التواصل الاجتماعي. يقول تجد أحدهم وقد تصدر اسمه لقب عريض جاذب وبراق فهذا الإعلامي فلان ابن علان، وذاك الإعلامي المتخصص إما في المجال الاجتماعي أو الاقتصادي أو الرياضي أو الناقد الفني، أو المتخصص في الشئون الإسلامية وهكذا، ولو فتشت أكثر فسترى العجائب وهي في النهاية ألقاب تطير في الهواء وليس لها في الواقع أي رصيد.
من وجهة نظري التي نقلتها للزميل العزيز خلال المحادثة أن أولئك قد استغلوا المناخ المفتوح في تلك المواقع وضعف المتابعة فوجدوها فرصة ذهبية للتسويق لأنفسهم حتى ولو بالوهم. ربما أحدهم كتب مقالا قصيرا في صفحة القراء أو عدة مقالات تعبر عن وجهة نظره حول بعض القضايا الاجتماعية، أو ظهر في برنامج تلفزيوني ليس كضيف وإنما في أحد الحوارات السريعة ليدلي بوجهة نظره، أو كتب مجموعة من التغريدات في شأن من الشئون المستجدة فتوهم أن الجميع صاروا ينظرون إليه بأنه إعلامي لا يشق له غبار. هناك فئة أخرى أتاحت لها بعض الصحف الإلكترونية المجال إما بالكتابة أو نشر الأخبار فعد نفسه إعلاميا بالفطرة يزاحم أهل المهنة في كل مكان، ويستخدم اللقب لإشباع غريزة حب الظهور أو كسب الشعبية ، أو لأنها لم تمنح له الفرصة ليحقق ما يطمح إليه في القنوات الرسمية فوجد بغيته في الانتحال.
من حق أي إنسان استخدام اللقب متى ما كان جديرا بحمله وتعليقه نيشانا على صدره أو لوحة في جبهته أو عبر موقع تواصل أو كروت يوزعها على من شاء ويكتب فيها جميع ألقابه التي أحرزها . أن شاء وضع آخر مؤهل حصل عليه أو صفته الدينية أو الاجتماعية أو الإعلامية. بعض المتقاعدين يكتب لقبه مقرونا بمهنته قبل التقاعد مثل إعلامي سابق أو مذيع سابق ولا مشكلة في ذلك. ولأننا في مجتمع مازال مولعا بالألقاب حتى ولو كانت وهمية فإن الباحثين عن الألقاب الرنانة يحصلون على كل ما يرغبون في أجواء لا ينازعهم فيها أحد حيث السيطرة شبه المستحيلة في مواقع النت الافتراضية وخصوصا من يتعاملون من خلال حسابات مجهولة، أما أصحاب الحسابات المعروفة فأعتقد أن وزارة الإعلام لا تعفى من مسئوليتهم.
أغلب من يطلقون على أنفسهم ألقاب إعلاميين ربما لا يدركون مفهوم لقب « إعلامي « وهو من مارس مهنة الإعلام في محاضنها الأساسية في الصحافة والتلفزيون والإذاعة وفي المراكز الإعلامية ولسنوات طويلة عاشوها داخل الوسط حتى تشربوا الصنعة وخبروا أصول المهنة، ولذلك هناك فرق شاسع بين لقب إعلامي ومهتم بما يطرح في الساحة الإعلامية، فالإعلامي ابن المهنة أما المهتم فلك أن تدخل تحت هذا المسمى ما شئت بين قارئ ومتابع ومعلق.
عندما نذهب للمناسبات نجد مئات تحت مسمى محرر أو مصور أو مراسل ومن جهات إعلامية غير رسمية وعلاقة بعضهم بالإعلام من خلال موقع إلكتروني غير معروف. إن كان على الجهات المنظمة عدم السماح لهم بالدخول فإن على وزارة الإعلام مسئولية كبيرة في حماية الإعلام من هؤلاء الدخلاء.