كل يوم يمر على اليمن منذ اجتياح الحوثي للعاصمة اليمنية صنعاء والموقف يزداد حيرة وغموضا وتذهب التأويلات في مناح شتى لكن هناك ثابت واحد لا يختلف عليه اثنان وهو التدخل الإيراني الذي يأتي في سياق المؤامرة الإيرانية على العرب جميعا والذي لن يقف عند حدود اليمن فكما توغل في العراق البوابة الشرقية للوطن العربي مرورا بسوريا ولبنان هاهي أذرعته الاخطبوطية تمتد إلى اليمن بنفس السيناريو الذي يهدف إلى إخلاء الوطن العربي من أي دولة حتى لو كانت موالية للنظام الإيراني أو كان على راس هذه الدولة على خامنئي ذاته لأنهم بخبث أساليبهم أنهم لا يمكن أن يضمنوا ولاء المجتمعات العربية لهم وحتى إن استطاعوا أن يوجد أنظمة متحالفة أو تابعة لهم فهذه الأنظمة ليست خالدة فقد تنتهي وينفض الشعب يد التحالف والولاء لإيران، لكن المخطط الإيراني يهدف إلى تفكيك المجتمعات العربية عبر إثارة الصراعات الطائفية والمذهبية وخلق قوى عبارة عن نتوءات في جسد المجتمع والدولة كل هدفها تعطيل كل خطوة إيجابية والشواهد على ذلك كثيرة.
والمؤامرة الإيرانية في اليمن ليست محصورة في دعم وتقوية الحوثيون كونهم أقلية مهما بلغوا من القوة مصيرهم إلى الزوال والذوبان لكن الجانب الأكثر خطورة هي استراتيجية الاختراق للمناطق السنية والتغلغل فيها عبر وسائل شتى ومنها ما تقوم به إيران مباشرة أو عبر أنظمة ودول متحالفة معها والنتائج في الأخير تصب في صالح إيران.
ويأتي التركيز الإيراني على مناطق بعينها مثل اب وتعز وحضرموت والمهرة وقد بدأت خيوط اللعبة منذ فترة مبكرة وقبل الأحداث التي عاشتها اليمن وأدت إلى ترك علي عبد الله صالح للحكم بمعاونة صالح نفسه الذي طلب من إيران إعطاء منح دراسية لتنظيم الشباب المؤمن الذي أسسه حسين الحوثي بهدف حماية وإحياء المذهب الزيدي لكن بمحتواه الجارودي القريب من الاثني عشرية بكل طرحهم وفعلا التحق آلاف بقم ومنها تخرج حسين الحوثي المؤسس للحركة الحوثية إلى جانب الدورات المكثفة في معهد الإمام الهادي في سوريا وتلقي التدريب على يد عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني.
هذا فيما يخص المنطقة الزيدية من اليمن التي شهدت قيام حركة الحوثي لكن بقية المناطق خاصة ذوات الثقل السكاني السني المتسمة بالوعي فقد عمدت إيران إلى استمالة بعض القيادات والعناصر السياسية التي فقدت مصالحها مثل علي سالم البيض وعناصر أخرى من تعز وعمدت إلى التواصل المباشر مع القيادات الميدانية المرتبطة بهذه العناصر واحتوائها حتى يسهل عليها التخلص من القيادات العليا متى ما بدأت المصالح تتقاطع وأسست للبعض قنوات فضائية وأغدقت عليهم إمكانيات مغرية وإلى جانب هذه القيادات السياسية هناك واجهات قبلية كانت قد تخلت عن نفوذها كمشائخ لبعض المناطق أو القبائل قامت إيران بدعمهم وتحمل نفقات تحركهم في أوساط الناس وبنفس الأسلوب رسموا استرتيجية للوصول إلى الناس من خلالهم والأمثلة كثيرة بل إن وفدا إيرانيا زار عدن تحت غطاء أنهم مستثمرون يبحثون عن الفرص في المنطقة الحرة وهناك التقوا بأعداد كبيرة من الشباب الناشطين فيما يسمى بالحراك الجنوبي وتم تجنيد عدد منهم لخدمة الاستراتيجية الإيرانية.
وما تقدم عبارة عن غيض من فيض لكن السؤال الأهم ما هو سقف المؤامرة الإيرانية على اليمن وما حولها الذي يبدو وتتكشف معالمه يوم أثر يوم أن وضع اللادولة في اليمن سيطول وسيتم تمديد المرحلة الانتقالية بضغط من الحوثيين لكي يتمكنوا من ترتيب أمورهم على الأرض بشكل نهائي ويفرضوا انفسهم على الواقع اليمني والإقليمي كقوة لا يمكن تجاوزها أو تجاهل دورها بعدها ستجعل منهم إيران شوكة في حلق اليمن وخاصرة الخليج وهو أمر قادم لا محالة إن لم تتكاتف الجهود ويتجه دعم الإقليم للقوى والمناطق اليمنية المؤهلة لوقف المشروع الحوثي الإيراني وقطع الطريق على إيران من التغلغل في المناطق السنية من اليمن التي من دون أن يكون لهم موطئ قدم فيها لن يكون للحوثيين أي دور أو فاعلية ولازال الوقت ممكن للعمل في هذا الاتجاه مع التسليم أن المخطط الإيراني يسير في طريقه مستغلا غياب الدولة وحقد القوى السياسية اليمنية على بعضها وفي مقدمتها علي عبد الله صالح وجناحه في حزب المؤتمر مع الإشارة إلى تنصل الحوثيين من كل الاتفاقات التي تمت معهم حتى ما كان بوساطة وموافقة إيرانية أي أن الرهان على أي وفاق مع الحوثيين هو رهان فاشل ويجب أن يكون الرهان على دعم ومساندة المواقف الرافضة للحوثيين وخاصة في مناطق السنة التي تستميت إيران لاختراقها.