يتزامن إصدار الإعلان الخليجي لحقوق الإنسان مع ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. الذي صدر من قِبل الأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948م والذي يجسّد الحقوق الإنسانية بأبهى صورها.. وتم الاعتراف به في جميع دول العالم.. كما تمت ترجمته إلى مئات اللغات العالمية مع تداوله على أوسع نطاق في هذا العصر.. لذلك يحق لنا تسميته بعصر حقوق الإنسان.. حيث لم يسبق أن شهد أي قرن من الزمن مثل هذه الوفرة من المصطلحات والمفردات الإنسانية على المستوى الدولي.. بالإضافة إلى الانتشار الواسع وغير المحدود لمعايير ومبادىء حقوق الإنسان.. مما يؤكد الآفاق المستقبلية لتلك الحقوق الإنسانية حول العالم.
ويأتي هذا الإعلان في مرحلة حساسة في تاريخ مجلس التعاون الذي مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.. حيث تتطلع شعوب المجلس إلى المزيد من الحريات والحقوق الإنسانية والتنمية الإنسانية الشاملة والمستدامة في جميع المجالات.
لقد استبشر الجميع خيراً بعد أن توّجت أعمال الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس الأعلى بدول مجلس التعاون بالدوحة بالختام المسك الذي أسعد الكثير بصدور إعلان حقوق الإنسان لدول مجلس التعاون والذي يتكون من 47 مادة حقوقية تتماهى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.. ويتضمن الإعلان بأن الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية انطلاقاً من إيمانها العميق بكرامة الإنسان واحترامها لحقوقه والتزامها بحمايتها التي كفلتها الشريعة الإسلامية والتي تُعتبر تجسيداً للقيم والمبادئ النبيلة الراسخة في ضمير مجتمعاتها، ومن الثوابت الأساسية لسياساتها على كافة المستويات.
كما استند الإعلان إلى النظام الأساسي لمجلس التعاون الذي جاء النص فيه على المصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها وتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين وتعميق وتوثيق الروابط والاتصالات وأوجه التعاون بين شعوبها في مختلف المجالات.. مع التأكيد على أن الفضل في الإنجازات التي حققتها في مختلف الميادين يعود إلى ما توليه دول مجلس التعاون من اهتمام ورعاية قصوى لقضايا حقوق الإنسان.. كما عبرت دول المجلس عن تقديرها وامتنانها للجهود المشتركة التي بذلتها على مختلف المستويات مع الأسرتين الدولية والإقليمية التي أسهمت إسهاماً فاعلاً ومؤثراً في تعزيز قضايا حقوق الإنسان والارتقاء بها إلى الغايات المنشودة لها في مجتمع دولي تحظى فيه هذه الحقوق بالمكانة اللائقة بها.
وأشار الإعلان إلى الالتزام التام بما ورد في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، والإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية.
ولا شك أن شعوب المنطقة تتطلع إلى الأمن الإنساني في مجالاته السبعة المشتملة على
- الأمن الاقتصادي Economical Security الذي يتهدده الفقر والبطالة.
- الأمن الصحي Health Security الذي يتهدده المرض والأوبئة.
- الأمن الغذائيFood Security الذي يتهدده الجوع وشح الموارد المائية والغذائية.
- الأمن الشخصي Personal Security الذي يتهدده العنف والجريمة والحرمان من الحريات الأساسية.. والإقصاء وانتهاك حقوق حقوق الإنسان وفقدان العدالة وعدم تكافؤ الفرص.
- الأمن الاجتماعي Social Security الذي يتهدده التعصب والتمييز وعدم التسامح.
- الأمن البيئي Enviromental Security الذي يتهدده التلوث البيئي بأشكاله ومكوناته كافة.
- الأمن الثقافي.. وخصوصاً الأمن الفكري الوسطي الذي يحقق الوحدة الوطنية.
ختاماً.. المؤمل مستقبلاً.. هو أن يتم تفعيل.. ثم متابعة التفعيل لهذا الإعلان الإنساني على أرض الواقع مع التوعية والتثقيف في هذا المجال.. وإدخال مادة حقوق الإنسان للمناهج الدراسية.. حيث إن الإنسان هو الأساس والمحور الرئيس في التنمية الإنسانية المستدامة والعمل بما يحقق المزيد من المكتسبات الإنسانية.. من أجل خليج ينعم بالأمن والاستقرار ويتمتع بالقيم الإنسانية النبيلة في الكرامة والحرية والعدل والمساواة والسلام.