لا نريد أن نكون في موقف الدفاع؛ حتى وإن كان رجال أمننا في جاهزية عالية، بل وحتى إن كانت الغلبة دائماً للمدافعين عن الوطن الغالي، والانتصار للأبطال الذين بيشروننا مع كل نازلة بأن الوطن عصي على الإرهاب، ما بقي رجل وامرأة يدافعون عنه، ويرخصون حياتهم فداء له، ويسهرون الليل والنهار من أجل أن يحولوا دون أن يؤذى أو ينال منه، فهذه أمة حية لها في تاريخها وبين رجالها ونسائها أمجاد وبطولات وملاحم لا يمكن تجاهلها أو نسيانها.
***
نعم لا يمكن أن يكون تعاملنا مع الإرهابيين في موقع الدفاع فحسب، حتى وإن كلل هذا الموقف بالانتصار تلو الانتصار، وأظهر للعالم صورة جيدة عن القوة والشجاعة اللتين يتمتعان بهما رجال أمننا البواسل، فالدفاع يصلح ليكون في مواجهة الحالات المفاجئة، وأمام الحالات غير المتوقعة، وهو خيار لا خيار غيره، وبالأخص حين يكون العدوان بحجمه ونوعه وطبيعته هو المتاح الأفضل في تعاملنا معه.
***
تنامي عدد الحالات الإرهابية وتنوعها ومستوى التخطيط لها، وتوظيف الدين لإضفاء المشروعية لها، يقتضي من قواتنا التخطيط للقضاء والإجهاز على هذه العناصر وهي في مخابئها، وقبل أن تعبر إلى حدودنا متسللة إلى أراضينا، فعنصر المفاجأة والعمل الاستباقي وزيارتهم قبل أن يزوروننا هي الإستراتيجية التي تناسب التعامل مع الأحداث النوعية للإرهابيين المدعومين من دول ومنظمات للإضرار بأمننا واستقرارنا.
***
على أن التحديات القادمة ربما تكون أكبر، والمؤامرات بدأت وقد لا تنتهي، وهناك مجرمون في دول وتنظيمات لا يريدون الخير لنا، وإذا كانت المملكة في تصديها ونجاحها في كل المحاولات الإرهابية قد أظهرت للعالم قوتها وقدراتها المتفوقة، فإن هذا سيقود هؤلاء إلى تطوير إمكاناتهم وإعادة النظر في إستراتيجياتهم، بما يجعلهم في موقف قد يمكنهم من تحقيق بعض أهدافهم، ما يعني أنه مطلوب من رجال الأمن أمام مثل هذا التحدي عدم إعطائهم أي فرصة أو مهلة لتنظيم صفوفهم والبحث عن بديل لإستراتيجياتهم الحالية.
***
أعرف أنه لا يوجد في قاموس رجال الأمن وسلاح الحدود والمباحث العامة وباقي قواتنا المسلحة أي فرصة للاسترخاء أمام عدو شرس، وأن جاهزيتهم هي الآن على أعلى المستويات المتقدمة، وأن خبراتهم في أصول الدفاع عن حدود الوطن وداخل الوطن قد زادتهم من القوة ما مكنهم من القضاء على كل العناصر الإرهابية التي تعاملوا معها، وأن اختبارات الإرهابيين لقواتنا الأمنية أظهرت لهم ما يتمتعون به من كفاءة وشجاعة واخلاص، يصعب على العدو أن يكسب الحرب مع رجال بمثل هذه الصفات والمواصفات.
***
ومن المؤكد أن قدر الوطن والأمة، أن تواجه مثل هذه العصابات المجرمة، وأن تخسر من رجال أمنها أولئك الشجعان الذين استشهدوا دفاعاً عن الوطن، وقدرنا جميعاً أن يكون من بين أبناء الوطن من يخونه، من يرتهن للعدو ويقبل بأن يكون عميلاً ومتآمراً على وطنه وأهله، ضمن مؤامرة كبرى تشترك فيها دول ومنظمات وأفراد، والهدف الذي يجمعهم هو هذا الحقد والحسد على كل ما هو جميل في بلادنا، والكراهية لكل ما نتمتع به من قيم ومثل ومبادئ لا تتفق مع أهدافهم ومبادئهم.