في الوقت الذي تدفع فيه الحكومة نحو تحقيق التنمية الصناعية؛ وإرساء قاعدة الاستدامة فيها؛ يبحث القطاع الخاص عن الدعم الأمثل لتحقيق أهدافه الربحية والتنموية المتوافقة مع أهداف الحكومة التنموية. قد لا يكون توفير الأموال الحكومية كافيًا؛ إذا لم تستكمل إستراتيجية التنمية الصناعية التي تحتاج دائمًا للتكامل بين الوزارات والمؤسسات الحكومية من جهة؛ والقطاع الخاص من جهة أخرى. التكامل الأمثل هو السبيل لتحقيق أهداف الإستراتيجيات الحكومية ومن بينها؛ إستراتيجية التنمية الصناعية المتوازنة.
لم تكن إستراتيجية خادم الحرمين الشريفين لتحقيق التنمية المناطقية المتوازنة مرتبطة بمشروعات البنى التحتية فحسب؛ بل ركزت على أبعاد تنموية مختلفة كان من بينها التنمية الاقتصادية التي يفترض أن تتخذ من التنمية الصناعية قاعدة لها. لذا سارعت الحكومة لتعزيز البنى التحتية؛ واستكمال مشروعاتها لتوفير البيئة الحاضنة للمشروعات الصناعية العملاقة؛ وعملت على تحسين مخرجات التعليم الجامعي لتوفير القوى البشرية المناسبة.
وأسهمت أيضًا في توجيه صناديق الدعم الحكومية؛ ومنها صندوق التنمية الصناعية السعودي لتحفيز القطاع الخاص من أجل الاستثمار في المناطق الواعدة؛ التي لم تحظ بمشروعات صناعية نوعية من قبل؛ وتقديم التسهيلات المشجعة على إقامة مشروعات صناعية تتحول مع مرور الوقت إلى قاعدة للتنمية المستدامة هناك.
رفع نسبة التمويل للمشروعات المقامة في المناطق المستهدفة بما لا يزيد على 75 في المئة من كلفة المشروع، وتمديد فترة السداد إلى 20 عامًا كانت ضمن أدوات التحفيز الحكومية التي أثمرت بالفعل عن زيادة نصيب المناطق والمدن المستهدفة من قروض الصندوق لتصل إلى 50 في المئة من حيث عدد القروض، ونحو 66 في المئة من حيث قيمة قروض الصندوق المعتمدة خلال العام المالي 2013م.
استئثار مشروعات المناطق الواعدة بنسبة 66 في المئة من القيمة الكلية لقروض الصندوق المعتمدة في عام؛ إضافة إلى سيطرتها على 50 في المئة من حيث عدد القروض المصدرة يؤكد على وجود الفرص الاستثمارية القادرة على تغيير ملامح مناطق المملكة الاقتصادية؛ وهو ما يحقق بعض الأهداف المرجوة.
أموال الصندوق ليست هبة غير مستردة؛ بل هي قروض ميسرة مستوجبة الوفاء؛ ما يجعلنا نؤمن برؤية القطاع الخاص المستقبلية تجاه المناطق الواعدة؛ وقدرتهم على استثمار تلك القروض؛ وتحقيق الربحية؛ وبالتالي التنمية الصناعية المنشودة.
إقامة ملتقى التنمية الصناعية في المناطق الواعدة سيسهم في جمع الجهات الحكومية ذات العلاقة بتنمية المناطق ما قد يسهم في تحقيق هدفين رئيسين؛ الأول مواجهة المعوقات والنظر في معالجتها؛ والثاني البحث في آليات تحفيز التنمية الصناعية التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الوزارات الحكومية والقطاع الخاص.
التواصل الدائم بين الوزارات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص سيسهم دون شك في تقليص المعوقات من خلال إبرازها وتسليط الضوء عليها.
المعالجة بالحوار من أنجع وسائل التطوير.
مناقشة التجارب العالمية في التنمية المناطقية سيكون لها دور مهم في التحفيز على العمل؛ واقتباس الأفكار الجيدة؛ التي أسهمت في نقل الدول فقيرة الموارد الاقتصادية إلى مصاف الدول الصناعية.
تمتلك المملكة مقومات التنمية الصناعية؛ التي لم تكن متوفرة لبعض الدول الصناعية الحالية.
بقليل من الجهد؛ والتفكير؛ والعمل المنظم القائم على الإستراتيجيات التكاملية؛ يمكن الوصول إلى الأهداف التنموية المنشودة.
الصناعة باتت خيار المملكة الإستراتيجي؛ بل هي الخيار الأوحد لأغلبية المناطق الواعدة التي تشتكي ضعفًا اقتصاديًا؛ وشحًا في الوظائف؛ وقصورًا في التنمية.
قد يقدم الملتقى مخرجات فكرية متميزة؛ ويبقى الأهم تفعيل التوصيات؛ ومعالجة المعوقات التي تواجه القطاع الخاص؛ والمضي قدمًا في تحقيق متطلبات التنمية الصناعية المتوازنة؛ ودعمها من جميع وزارات الدولة.