كانت فرصة «جيدة» أن يفتح معي بعض الزملاء نقاشاً حول مقالي الأخير الذي كان الجزء الثاني من سلسلة «انحطاط الأغنية»، لكن العجيب -وقد قلتها للبعض- أن النقاش جاء بناء على أحكام مسبقة، وبعضها نقلاً عن آراء آخرين.
أكتب عادة ولا يهمني من يغضب مثلما لا أكترث لرضا آخرين، هنا أكتب رأيي ولست ممن يعشقون الرأي الصريح في مجالسي، ثم ألبس القناع أمام الجماهير مثلما يفعل البعض للأسف.
اتفقنا أنا والزملاء أنَّ غالبية الفنانين الجدد الذين «أزعجنا» بهم كثير من الجماهير لا يستحقون البقاء في الساحة ليلة واحدة، لكنني اختلفت معهم حول «صمت القبور» الذي يمارسونه حيال هذه «الجريمة».
أحدهم كتب تعليقاً على مقالي السابق، واقتبس «مقالة استفزازية لجمهور الفنانين الجدد بدون استثناء»، ولم يتسنّ لي سؤاله ما إذا كان مقالي استفزازياً من الناحية الإيجابية أم السلبية، وهل استفزازي في المقال (كما يدعي) كان مجافياً للحقيقة أم أصابها.
لا يهم، المهم أن «انحطاط الأغنية» جَعَلَ من فنان عظيم كمحمد عبده خارج قائمة عشرة فنانين هم الأكثر تأثيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا انحدار شديد في ذائقة الجمهور، ولا يهمني من يحاول استعداءهم، ومثل هذه الاستطلاعات لا يحترمها الجمهور ولا يعيرها أيَّ انتباه، لأن نتائجها تظهر بناء على رغبات شخصية ومجاملات، وهذه الاستطلاعات يسجلها التاريخ ليحاسب بها أصحابها يوماً ولو طال.
خلف الجدران والأبواب المغلقة يدور حديث يصلني «جلّه»، وقرارات من سدنة هذا الانحطاط الفني، وهم جميعاً مؤمنون بما أقول، لكن رغبتهم في كسب رضا جمهور «المراهقين» جعلهم يقفون على الرصيف الخطأ.
ما يحدث في الساحة الغنائية اليوم هو أشبه ما يكون بـ»لعب عيال»، أحد الزملاء قال لي «خلينا نعيش»، وآخر قال «لن أصطدم بهذا الجمهور رغم قناعتي بما تقول»، ومسكين يقول «اللعب مع الصغار، خير من اللعب مع الكبار».
لعلكم تذكرون موجة جواد العلي وهشام الهويش ومحمد خلاوي وبشار الشطّي ومحمد عطيّة وغيرهم، أين هم اليوم، وكيف كان يفعل معهم الجمهور، وكيف كانوا لا يستطيعون التحرك في حياتهم الطبيعية، أما اليوم فلا أحد يلتفت لهم، إلا على استحياء.
كتبت المقال الأول، ولم أعتقد أنني سأكتب الثاني، وحين كتبته لم أشعر برغبة في كتابة هذا الحديث، وأرغب في إغلاق هذا الكلام بعد أن قلت أشياء في خاطري، وأفضّل التغاضي عن كثير من الأفكار.