في الإعلان الذي أصدرته جامعة الجوف بخصوص إقرار كرسي صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز لدراسات الوحدة الوطنية حيث تكرم سموه بالموافقة على هذا الإقرار تكرماً منه بعد أن عرضه عليه الدكتور إسماعيل البشري مدير الجامعة، هذا الإقرار والذي أتى كتوصية صدرت عن مؤتمر الوحدة الوطنية ودورها في ترسيخ الأمن، حيث صرح البشري بكلمات جميلة جداً قال فيها: أعداء الوطن يزولون أما الوطن فيبقى بوحدته وتماسك شعبه وقيادته، المؤتمر متميز في طرحه وتوصياته، والفكرة في كرسي صاحب السمو الملكي متعب بن عبدالله لها من الأبعاد المعززة للتوجه الوطني العام من حيث زيادة روافد التأسيس السليم من خلال المؤسسات التعليمية والعلمية في المملكة، هذه الأمور من النوع التي لا ضير أبداً في زيادتها والتوسع الدائم عليها، بل من المستحب ذلك، وصاحب السمو الأمير متعب يدعم هذه التوجهات قولاً وفعلاً حيث هنالك العديد من الكراسي العلمية التي تحمل اسم سموه وتحظى بدعمه المباشر، غير أن هنالك بين سطور هذه الأحداث قصة متميزة أود أن أرويها باختصار ما استطعت، قصة أحار في تسميتها، قصة عنوانها إسماعيل البشري بين الذكرى والمستقبل.
إسماعيل البشري وخلال العام المنصرم عاش حدثاً جللاً منبعه الابتلاء من الله عز وجل بمحبة، قصة البشري مؤلمة وحزينة لكنها أيضاً جميلة، حزنها في الفقد والألم والمعاناة، وجمالها في الرضا بقضاء الله وقدره، حين فقد من أبنائه خمسة مرة واحدة في حادث مروري كان الحزن والابتلاء بالخطب الجلل، وحين نعى البشري: أسماء، أفنان، محمد، أحمد، وسلطان راضياً بقضاء الله وقدره محتسباً إياهم عند خالقهم حامداً شاكراً برز الجمال بمحبة الله له بالابتلاء، هي ليست الحيرة بين الجمال والحزن في الاختيار بل الحيرة بالوصف بأي منهما أبدأ.
البشري ورغم هذا كله كان على موعد مع التحدي بالمضي قدماً والإصرار على العمل والإنجاز، الذكرى لا تمحيها السنين ولا تنسيها مشاغل الحياة، الذكرى في الفقد واللوعة باقية متجددة كل يوم، لكن الله عز وجل يجتبي من عبداه الذين يحبهم فيكرمهم ويهيئ لهم وبهم للناس رشداً، يضربون أطيب الأمثال وأروع السير ويؤكدون على أن الإيمان بقضاء الله وقدره ليس مجرد عقيدة قول ووصف، بل عمل وحياة، في الجوف وحيث يقيم البشري مديراً لجامعتها تعيش الذكرى معه كل لحظات الحياة، مهما كان ومهما جرى فأياً من مشاغل الدنيا لن تغفل الخاطر.
ليس شفقة ولا عطفاً إن قلت إنني أتمنى في قرارة نفسي أن أرى إسماعيل البشري يبتعد قليلاً عن الجوف المكان والجغرافيا في مهمة جديدة، ولكني أعلم جيداً قدراته وخبراته وإمكاناته والتي تحتاجها جامعة الجوف، لكن هنالك أمراً آخر لدى البشري يجعلني أتمنى أن أراه في منصب آخر، هذا الأمر هو الطموح بالعمل لخير الناس، تجربة الفقد التي عاشها لم تثنه ولم تكسره بل زادته إيماناً ورغبة بالعمل والإنجاز، وهذه الحالات تعتبر نادرة خاصة وأن الانطواء في مثل هذه المواقف لا يؤخذ عليه ولا يلام صاحبه، لكن البشري تفجرت فيه أمور كثيرة ورسم لنفسه مساراً جديداً كله أمل وطموح وتحد بالإنجاز والنجاح، الدنيا في عينية صغرت ولم يكبر فيها إلا السعي لمرضاة الله عز وجل، نعم نحب البشري في الله ونحب الوطن قدراً ارتضاه الله لنا وارتضينا به، لهذا أؤمن أن المستقبل يحتاج إلى عقول وخبرات وأمنيات كالتي يحملها البشري، يحتاج إلى من يرى الوطن بعين الرضا والمحبة والعمل.