تقرأ لشاعر ما في غرض من أغراض الشعر ويدهشك جداً وتتخيله وهو يكتب القصيدة أو يصوغها وتتسائل بينك وبين نفسك عن دافع كتابتها وما مرت به من مراحل إلى أن وصلت إليك، وكيف استطاع اقتناص تلك الصورة في هذا البيت أو ذاك وكيف خطرت له فكرتها وما الوقت الذي استغرقته إلى أن اكتملت وما الحالة النفسية التي كانت تتلبس الشاعر قبل وأثناء وبعد كتابتها وما الصور التي اقلتت منه وهو في حالة الاحتدام الداخلي وما الصور التي سمحت له أن يصطادها ويركب منها رائعته.
حضور الشعر كما يعرف الشعراء لا يعطي موعداً لأحد, حيث يباغت الشاعر دون سابق إنذار فهو غالباً كالبركان الخامد، وحالة الشعر ومضة خاطفة لو لم يمسك بها الشاعر في لحظتها لهربت ربما إلى غير رجعة لذا يتمنى البعض من الشعراء لو أن هناك من يقوم بتصويره أثناء مداهمة القصيدة لأنها كما يقول حالة لذيذة ما بين الغيبوبة والإفاقة والعقل والجنون لذا فقد قيل: (إن الناقد يكتب بوعي عما يكتبه المبدع بلا وعي) وفي تلك الحال لايفرق الشاعر بين سيطرته على القصيدة وسيطرتها عليه وهل نصدق الشاعر الذي يقول: إن القصيدة هي التي تكتبني أم أنها مبالغة؟؟
وقفة
أنتي وأنا كان عصر جنوننا كنه ضحى العيد
أثر الجنون الحياة وميزة العقل البلادة
وأثر العنب في حديث شفاك ما هو بالعناقيد
واحنّ وادفا مكان اللي تحت هاك القلادة