يتحدث إلي بحماسة وخبرة زميلي العزيز الأستاذ فوزان بن حمد الماضي، عن ظاهرة يجب أن تكون بين المثقفين والباحثين، لا سيما كتّاب التاريخ والآثار والأنساب وكل ما من شأنه الحديث عن الآخرين وتاريخهم أنسابهم.
يؤكد زميلي فوزان على جانب مهم يجب نستحضره عند نقاشاتنا ومناقشاتنا، ألا وهو خصومة الفرسان كما يحب محدثي فوزان أن يقول.
يروي لي زميلي العزيز موقفاً عن أحد الأشخاص ممن له خصومة مع شخص آخر، وأن خصمه هذا نقد في مجلسه، فمنع المتحدث من نقد خصمه، لأنّ خصمه غائب ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه!!
وفي الموضوع نفسه يقول فوزان أستغرب من بعض باحثينا ممن غابت عنهم هذه الصفة ألا وهي خصومة الفرسان.
كثير من كتّابنا لا سيما في مجالات التاريخ والآثار والأنساب بل وفي كل العلوم، يحتاجون إلى أن يحترموا خصومهم ويكونوا كما هم فرساننا الأوائل في المعارك والحروب ، وحتى في الردود والمناقشات.
نسي هؤلاء أنه عندما تحترم خصمك وتثني على ما فيه من جوانب جيدة، فإن هذا يجير لك وليس لخصمك، لأنه حين يكون خصمك قوياً فإنك تكون قوياً مثله، ولكن حين تهون من شأن خصمك وتصفه بما فيه وما ليس فيه من السباب والشتائم، فإن هذا يدل على أنك قريب منه في هذه الجوانب.
كثير من فرسان العرب قديماً وحديثاً يثنون على خصومهم بالشجاعة، وهذا مما يميزهم، ولا ننسى أن مؤسس هذه البلاد الطيبة الراحل العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل كان يثني على بعض خصومه ويصفهم بالشجاعة، وهذا يدل على ثقته في نفسه، وأن هذه هي معارك الفرسان التي لا تجعلنا نجرد خصومنا من كل شيء إيجابي لأنهم خصومنا، بل نصفهم بما فيهم.
نجد الآن بعض الكتّاب يصف بعضهم خصمه بأوصاف يعلم الكاتب قبل غيره أنها غير صحيحة، لكن يظن ذلك سبباً في إسقاط خصمه أمام القراء، وهذا غير صحيح.
والمتأمل في كتب العلماء الكبار يجد أنهم عند الرد على خصومهم، يستفتحون الرد بالثناء على الخصم ومن ثم بيان أوجه الاختلاف معه بطريقة علمية منهجية بعيدة عن السب والشتم، وهذه هي خصومة الفرسان وأخلاق الشجعان.