لم أقلق قط على ملفٍ نظر فيه عبدالله بن عبدالعزيز, هذا القائد الذي على الرغم من العاصفة التي ما تكاد تهدأ إلا وتنطلق من جديد, إلا أنه بفضل الله وتوفيقه يعمل بصمت مميز حيّر كل متربص بأمن المنطقة وجعله لا يمكن أن يتنبأ بما سيحصل غداً لأي قضية يتدخل فيها الملك عبد الله -حفظه الله-.
قبل إنهاء الإشكال الذي حصل من الشقيقة قطر مع شقيقاتها الخليجية قال لي صديق إعلامي مصري رأيه المتشائم, ونشره كذلك في مطبوعته وقلت له رأيي بأن العودة للبيت الخليجي حتمية في ظل وجود قائد مثل عبدالله بن عبدالعزيز, وبعد تحقق ذلك شكك في إصلاح الخلاف المصري القطري وكنت أراهنه على إنهاء ذلك.
اليوم يأتي عبدالله بن عبدالعزيز ليقول للعالم أجمع إننا -بعون الله- قادرون على معالجة أيّ مشكلة تحصل بيننا دون الحاجة إلى تدخل غريب في شئوننا فنحن جسد واحد لا يمكن أن نقبل بأيّ تدخل خارجي. راهنت وكسبت الرهان كوني أراهن على حكمة أعلمها, وسياسة أقرؤها لقائد مهموم بوطنه وأشقاؤه، أعطى من وقته وصحته الكثير والكثير وتنازل عن الكثير وصفح وعفا من أجل وحدة الأمة وتماسكها.
مصر عمق خليجي مهم، والخليج كذلك لمصر, ولا يمكن أن تستغني مصر عن دول الخليج بأي شكل من الأشكال, كما أن دول الخليج لا يمكن أن تتخلى عن مصر لأي سبب من الأسباب، دول الخليج الست مع جمهورية مصر يشكلون قوة لا يستهان بها على كافة الأصعدة, ولذا فإنه يجب أن نتنبه جيداً لدسائس الأعداء الذين سيسعون بين فترة وأخرى للنيل من هذا الانسجام وهذا التوافق والتشاور المميز.
عودة العلاقات المصرية القطرية إلى ما كانت عليه لا شك أنه سبب صدمة عنيفة للمتربصين والحاقدين والساعين للصيد في المياه العكرة، مثل ما سبب لهم عودة قطر لشقيقاتها الخمس بكل حب وود. نجحت المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة في تفكيك أكثر من مخطط أراد بخليجنا ومنطقتنا سوء, وهذا النجاح تميز بدهاء لافت أجبر العدو قبل الصديق أن يقف له احتراماً.
إن الأعداء لن يعجبهم هذه الوحدة الخليجية المصرية ولن يقفوا متفرجين على ذلك بل سيسعون بكل ما أوتوا من خبث وسوء لإفساد ذلك، ولذا وكما أسلفت يجب علينا اليقظة والتنبه لهذا الأمر, وأن نكون واعين لما يراد لنا.
والله المستعان.