التقيت الدكتور توفيق الربيعة قبل أعوام طويلة. وقتها كنت بصحيفة الرياض العزيزة، أعمل على تأسيس قسم صحفي تفاعلي للإنترنت في المؤسسة، وكان الزميل توفيق الربيعة حينها ينشر مقالات بشكل شبه منتظم في الاقتصاد، ثم في صفحة الإنترنت التي كنت أشرف عليها، كجزء من تكوين جديد يتقاسم مهامه بين الصحافة الورقية والإلكترونية. كان الدكتور مرتبطاً بمواعيد النشر بدقة وبمتابعة، وهو أمر يعاتبنا عليه الزميل رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك باستمرار، إذا ما تأخرت مقالاتنا عن موعدها، لضبط إيقاع النشر لعدد كبير ومميز من الكتّاب، وهو ما لا يتوافر لأي صحيفة محلية.
أسوق هذه المقدمة في سياق إدراك شخصية الوزير حالياً (الزميل سابقاً)؛ لنصل إلى فهم أبعد للشخصية والحضور الإعلامي لمعاليه. أضف لها حضوره المبكر في مجال التعاملات والتجارة الإلكترونية، وبمتابعه مميزة.
لذا فإن حضوره الإعلامي والافتراضي أمرٌ تلقائي لمن عاشر المهنة لسنوات عن قرب وعن بُعد أيضاً.
أتحدث عن الوزير الذي أصبح أيقونة اليوم بين زملائه من وزراء ومسؤولين في اقترابه من الهمّ العام والشعبي. أتحدث عنه بدعم كامل ومطلق وهو يقود اليوم حرباً مهمة، وأعتقد أنها ستطول بلا شك، لكن سنلمس بعض نتائجها على المديَيْن القصير والمتوسط.
أعني حربه وحربنا جميعاً ضد التستر التجاري في البلاد؛ فقد حذرت وزارة التجارة المستثمرين من مخالفة نظام مكافحة التستر، المتمثل في إعطاء السعودي اسمه لغير السعودي؛ وبالتالي استغلال اسمه أو سجله التجاري أو ترخيصه، أو أخذ مبلغ مقطوع لقاء ذلك، أو عبر أي طريقة أخرى، وكذلك قيام المستثمر الأجنبي الحاصل على ترخيص يخوله ممارسة أي نشاط تجاري بتمكين غير السعودي من العمل لحسابه الخاص. الوزارة أكدت بوضوح عزمها على معاقبة المتورطين.
والأهم - حقيقة وعملياً - هو الكشف عن عدد من القضايا تمت إحالتها بالفعل إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، التي بدورها تقوم بالتحقيق والمساءلة القانونية فيها قبل الإحالة إلى ديوان المظالم لإصدار الحكم الفصل في قضايا التستر المرفوعة.
فقد تم بالفعل رصد حالات تستر عدة، تمثلت في كشف عقد تأسيس منصوص فيه على النسبة في الحصص، ومسجلة في السجل التجاري، وتبدو صحيحة في ظاهرها، فيما يتضح لاحقاً أن المتستر عليه أحد الأطراف؛ إذ يتبين ذلك من خلال عقود سرية تنظم العلاقة فيما بينهم، وهو ما يعد إقراراً بمخالفة نظام مكافحة التستر، الذي تصل العقوبات فيه إلى السجن لمدة سنتين وغرامة مالية بقيمة مليون ريال للمخالف، والتشهير بأسماء المخالفين في الصحف المحلية على نفقتهم، كذلك إغلاق النشاط، وشطب السجل التجاري، وتصفيه النشاط، وإبعاد غير السعوديين من البلاد. مواجهة مهمة، ونرجو أن تكون استثنائية مع وزير استثنائي. مواجهة أو حرب مهمة جدًّا للوطن واقتصاده ومستقبله وحقوق مواطنيه.. ولعل من أقل الواجب الوطني دعم الوزارة والوزير باستمرار، ودون تردد.
لكن يبدو أنني كدت أنسى أيضاً أن معاليه يجمع «عملياً» حقيبتين وزاريتين «التجارة والصناعة». ولعل من المناسب اليوم إعادة فك الارتباط بينهما، وخصوصاً في ظل وضع الاقتصاد العالمي، وحاجتنا لإعادة العمل الجاد فيما أخفقنا فيه سابقاً، من تنويع مصادر الدخل الوطني، وتقليل الاعتماد على النفط الذي ما زال بعد كل هذه العقود يشكّل أكثر من 90 % من الدخل الكلي للبلاد.
في كل من «التجارة» و«الصناعة» ملفات ثقيلة؛ تحتاج إلى وزيرين بحجم وجهد الدكتور توفيق الربيعة - وفَّقه الله -.