في ضوء استمرار حشد الحوثيين لمليشياتهم في -المحيط الشمالي والغربي- لمأرب، واستعدادات القبائل لمواجهتهم، وعدم خروج اللجنة الرئاسية بحلول عملية -منذ أيام-؛ لنزع فتيل التوتر في المحافظة، فإن الأوضاع -في المحافظة- تتجه نحو صفيح حرب ساخنة، وتندرج في سياسة الأهداف التكتيكية للحركة الحوثية؛ ولتفصح شيئًا فشيئًا عن نواياهم، ومسبباتهم الحقيقية وراء فتحها لأكثر من جبهة قتال على الأراضي اليمنية.
اليوم، يدق الحوثيون طبول الحرب على مأرب، باعتبار أن شهية الحرب لديهم مفتوحة على مصراعيها في اليمن؛ ولأنهم الأقرب إلى الخنادق، والبنادق من النصوص، والوثائق، فإن جرائمهم ستسبق بناء الدولة المدنية الحديثة، وسيعمدون إلى تهديد السلم الاجتماعي، التي سيتصادم مع تطلعات المجتمع الإقليمي، والدولي، وستصبح اليمن مصدر قلق للأمن العالمي، ومن ذلك على سبيل المثال: فرض تهديدات أمنية على استقرار المناطق الحدودية السعودية.
يحاول التنظيم الحوثي أيضًا إحلال جمهورية الطوائف بدلاً من جمهورية القبائل، والسعي نحو تفكيك قوى الشمال، وتحييد الصراع على أراض جنوبية؛ تنفيذًا لمخطط إيراني، كشفت عنه تصريحات أدلى بها - مؤخرًا على رضا زكاني -، عضو البرلمان الإيراني الموالي للمرشد الأعلى في إيران، الذي أشار فيها إلى أن: «الحوثيين في طريقهم إلى السيطرة على 14 محافظة يمنية، من بين 20 محافظة «، متوقعًا: «أن تخضع لهم».
من جانب آخر، فإن كل الثروات التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني اليمني، ترتكز في مأرب، إضافة إلى مدينتي شبوة، وحضرموت الجنوبيتين. وإذا كان هدف الحوثيين من الاستيلاء على مأرب، هو وضع اليد على عاصمة النفط، والغاز، فإن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، سيهدف إلى إثبات فشل المنطقة العسكرية الثالثة، التي تقع تحت إشراف الرئيس عبدربه منصور هادي في حماية الخدمات، وحماية الثكنات العسكرية؛ ما يدخل الصراع في البلاد إلى طور أكبر، ويهدد الدولة بانهيار اقتصادي، خصوصًا إذا تعرضت المنشآت النفطية، التي تعتمد عليها الميزانية العامة للدولة إلى تخريب؛ بفعل الصراع المسلح بين الأطراف كافة، كما يقول الأستاذ صادق عبدو.
ستبقى عوامل توحد جبهة القبائل ضد الحوثيين، والطبيعة الصحراوية، وضعف الحاضنة الشعبية للحوثيين في صالح القبائل في مأرب. وعلى أي حال، فإن الأمر سيؤول إلى مزيد من الفوضى، والعنف، والخراب، وتفكيك أسس الدولة، إذا لم تتمكن قوات الجيش اليمني من إرساء الأمن في مأرب، وحماية المنشآت النفطية، والكهربائية، والحيوية، وإبعاد المحافظة عن النزاعات السياسية، والحروب العبثية.
سيبقى سؤالي الأخير عن أجهزة الدولة اليمنية، وأين هي من كل ما يجري على تخوم مأرب؟، والإجابة عن هذا السؤال -في ظني- أنها لن تستطيع أن تقف أمام جهود الحوثيين، والممتلئة بأجندات سياسية، وتصفية حسابات تاريخية، ومذهبية، وقبلية، التي تقف وراءها تحضيراتهم المستمرة لحروب قد تطول. ولذا فإنني أخشى أن يلتزم الجيش اليمني الحياد في هذه المرحلة الحاسمة؛ بحجة عدم الرغبة في دعم طرف ضد آخر، وأضعف الإيمان أنه سيتدخل فقط؛ لحماية المنشآت النفطية والغازية والكهربائية؛ حتى لا ينهار الاقتصاد اليمني.