المجمعة - فهد الفهد:
عبَّر معالي مدير جامعة المجمعة الدكتور خالد بن سعد المقرن عن حزنه العميق لوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يرحمه الله - معتبراً وفاته خسارة عظيمة للوطن وللأمة بأسرها، ورافعاً تعازيه الحارة، باسمه شخصياً وباسم جميع منسوبي الجامعة من وكلاء وعمداء ومديري إدارات وأعضاء هيئة تدريس وموظفين وموظفات وطلاب وطالبات، إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وإلى ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وإلى ولي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وإلى الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الوفي والأمة العربية والإسلامية، داعياً الله - عز وجل - أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهمنا جميعاً الصبر والسلوان. وقال معاليه إن وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز صدمة كبيرةٌ، ومصاب جلل، فهو من القادة الذين حازوا من الصفات ما يندر أن تجتمع في رجل واحد؛ فقد كان - رحمه الله - عزيزاً على قلب كل مواطن، وكل عربي، وكل مسلم، وله مكانة عظيمة، وحب كبير، اكتسبهما من خلال مواقفه الإنسانية، ومبادراته الرائعة، ومبادئه الرفيعة. وأشار المقرن إلى أن انتقال السلطة بهذه السلاسة وأسلوب التعيينات بهذه الكيفية، وتغيير المناصب بهذه الطريقة دون ضجيج إعلامي أو تنازع على مناصب وبهدوء وحكمة، وتبادل الأسماء دون اختلافات أو صراعات أو تعقيدات، وبدون سلطة انتقالية أو فراغ سياسي، وبتكاتف وألفة ومحبة واتفاق وتماسك بين أفراد الأسرة المالكة، ومشاهدة العالم لطريقة التعيينات والمبايعة والتأييد من قِبل أبناء الشعب، أمرٌ يثير الدهشة والإعجابَ، ويكسب مزيداً من الاحترام من قِبل كل المتابعين؛ إذ يعد ذلك من مبادئنا الدينية، وثوابتنا الوطنية، ومنهجاً سعودياً تتفرد به بلادنا. وهذه من نعم الله علينا، وأحد أسرار الاستقرار السياسي، وثبات المواقف؛ إذ يقف خلف ذلك عقول وهبها الله حب الوطن والإخلاص له، والالتزام بكتاب الله وسُنة نبيه، والرشد في القول، والحكمة في العمل، واتخاذ الإجماع والمشورة سبيلاً لتحقيق المصلحة العامة؛ ليبعث مثل هذا التعيين الطمأنينة للمواطنين بأنَّ الحكم في المملكة يقومُ على عمل تكاملي مؤسسي من خلال هيئة البيعة، المؤسسة التي تتولى تنظيم الحكم في البلاد، وتختص باختيار الملك وولي العهد؛ لتحافظ على وحدة واسترار الوطن وهيبته. وأضاف بأننا فقدنا مليكاً قائداً فذًّا، سِجِلُّه حافل بالمواقف الشجاعة، والقرارات المهمة المشرفة، والتوجيهات السديدة، والأحاديث المؤثرة، فقد بقي طوال فترة حكمه على العهد في الحفاظ على هوية المملكة «الإسلامية والعربية»، والتمسك بثوابت الدين والشريعة السمحة، والقيم الأخلاقية، مع إخضاع المتغيرات لمصلحة الوطن، والأخذ منها بما يتوافق مع توجهات المملكة ومصالحها العليا، وضمان الحفاظ على استقرارها؛ إذ تجنَّبت المملكة الكثيرَ من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي عصفت بكثير من بلاد العالم، وبقيت المملكة في منأى عن الصراعات الإقليمية والدولية بفضل الله، ثم سياسته الحكيمة. كما أن ما قدمه لشعبه من عطاء وحب، والسهر على مصالحه، والسعي للرفع من مستوى معيشته، وتعزيز شأنه في جميع جوانب حياته، هو محلُّ التقدير والفخر والاعتزاز.
وأكد معاليه أن قيادته - يرحمه الله - للنقلة الحضارية العظيمة التي شهدتها المملكة في عهده على جميع المستويات لا يمكن حصرها أو عدها، وهي نقلة تاريخية ونهضة تطويرية شاملة، تعم جميع أرجاء البلاد بجميع مرافقها، واتسمت بالتكامل والشمولية، واعتمدت على جانب إصلاحي، وجانب تنموي، يشمل جميع مناحي الحياة؛ لتحقق آمال وتطلعات المواطنين، ولتضمن لهم حياة كريمة، ينعمون فيها بالرفاهية والسعادة، وتضمن للوطن الاستقرار والتطور. ومن أبرز اهتماماته - يرحمه الله - التي لقيت تفاعلاً واهتماماً ونتائج: الحوار الوطني - وحوار الأديان - التعليم والتقنية - تدريب الكوادر السعودية - تفعيل دور المرأة السعودية في التنمية - مشروعات الحرمين والمشاعر - إنشاء عدد من المدن الاقتصادية والطبية - الاهتمام بالمنشآت الشبابية والملاعب الرياضية - توجيهاته بإنشاء مئات الوحدات السكنية في جميع مناطق المملكة - تطوير شبكة الطرق البرية - إنشاء سكة قطار. كما أنه أرسى سياسة العدالة والشمولية والتكامل، ونهج الشفافية والوضوح، مع تأكيده قيام الدولة بمسؤوليتها في حماية المال العام، والقضاء على الفساد، ومحاربة أسبابه؛ إذ صدر أمره الكريم بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، كما أنه - يرحمه الله - من خلال ما يملكه من حنكة سياسية ومهارة قيادية جَعَلَ التخطيطَ للمستقبل من الأولويات، من خلال صناعة الخطط الاستراتيجية. ومن أكثر اهتماماته - يرحمه الله - اهتمامه بالتعليم الذي يعكس فكره المتقدم، ورؤيته الثاقبة، وقراءته للمستقبل من خلال قراراته بإنشاء عدد من الجامعات التي تضاعفت أعدادها من ثماني جامعات إلى أكثر من 30 جامعة، ومتابعته لمتطلباتها، ورعايته الكريمة لها ولطلابها وطالباتها، ودعمه الدائم لها، وتوجيهاته بتوفير ما يحقق تطورها، ويضمن تقدمها ورقيها، وإطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي يعد أضخم برنامج ابتعاث على مستوى العالم.
ومن ذلك أيضاً ما أصدره خلال سنوات حكمه من الأوامر والتوجيهات الكريمة، التي تدل على أن المواطن في مقدمة اهتماماته، فقد كان - يرحمه الله - يتلمس دائماً احتياجات المواطنين، ويدرس أحوالهم عن كثب، ومنها: اهتمامه بالرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة، متابعته لتوفير السكن المناسب للمواطنين، زيادة مخصصات الإعانات التي تُقدَّمُ للجمعيات الخيرية من الدولة، اهتمامه بالتوظيف والسعودة، مع الكثير من التوجيهات والأوامر التي تصبُّ في مصلحة المواطن في جميع المجالات. كما أن إنجازاته وأعماله الخيرية - حفظه الله - تجاوزت حدود الوطن؛ لتشمل العالم الإسلامي، وتعم الإنسانية جمعاء من خلال عددٍ من المواقف التاريخية، إضافة إلى ما يملكه من تأثيره على القرار الدولي، الذي يصبُّ في مصلحة شعوب العالم دون استثناء. وجميع هذه الأمور تدعو للفخر بمسيرة هذا القائد العظيم، وتعكس ما يملكه من رأي سديد، وبُعد نظر، وحكمة في اتخاذ القرارات. كما ارتبط اسمه - يرحمه الله - بالتسامح والسلام والإنسانية، مع مساهمته في رقي وتقدم جميع الحضارات، من خلال اهتماماته المختلفة، وتفاعله مع جميع الأحداث، ودعمه لجميع المنظمات والهيئات الدولية التي تهتم بالإنسان. وما أدل على ذلك من حصوله - يرحمه الله - على المرتبة الأولى في ثقة الشعوب الإسلامية، وتصدره للمرة الثانية في استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة «بيو» الأمريكية الشهيرة عن الاتجاهات العالمية في 25 دولة من جميع أنحاء العالم، وتصنيفه من قِبل مجلة فوربس الأمريكية من ضمن الشخصيات الأولى الأكثر نفوذاً في العالم، التي أرجعت اختيارها لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - يرحمه الله - ضمن أوائل القائمة العالمية إلى انتهاجه طريقاً إصلاحياً معتدلاً، شمل مناحي الحياة في المملكة العربية السعودية، وكذلك حصوله - يرحمه الله - على وسام الأبوة العربية الذي يأتي تقديراً من أطفال العالم العربي لدوره في دعم قضايا الطفولة العربية في مجالات إنسانية عدة، وتبنِّيه مبادرات مميزة تختص بحياة الأطفال، وتوفير المعيشة المناسبة لهم، واهتمامه برعاية فصل التوائم، وأحداث المجاعة، ودعمه لجمعيات الأيتام والمنظمات الخاصة بصحة الأطفال، ليس في الوطن العربي فقط وإنما في العالم كافة. كما يدل هذا التقدير من أطفال العالم العربي على ما كان يحمله - يرحمه الله - من أبوة صادقة، ومشاعر حانية، وعاطفة جيَّاشة. وتأتي هذه الوسمة والألقاب والجوائز العالمية والاختيارات التي حصل عليها - يرحمه الله - والمرتبة العالية التي كان يُصنَّف فيها، والمكانة الرفيعة التي وصل إليها على مستوى زعماء دول العالم في جميع المجالات، تعبيراً عن واقع ملموس، واستناداً إلى حقائق ثابتة، واعترافاً بإنجازات ماثلة حققها هذا الرمز، وتذكيراً بمكانته في كل القلوب - رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته -.
وقال معالي مدير جامعة المجمعة في ختام تصريحه: نرفع أكُفَّ الضراعة بأن يوفِّق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، وولي ولي عهده لما يحبه ويرضاه، وأن يديم على وطننا الغالي الأمن والأمان والعزة والتمكين.