** كما أن الرجال ليسوا بسواء، فإن رزايا الأمم تختلف باختلاف أحجامها وأقيامها وأبعادها.
** بمعنى أن ثمة من الرزايا العظام ما تنوء عن حمله واستيعابه أعتى الأمم.
** واليوم ونحن نتحدث عن واحدة من تلك العظام، التي تتمثل في فقد قائد الأمة الملك الصالح عبد الله بن عبد العزيز -طيب الله ثراه-.
** ذلك القائد الذي أسس وبنى له في كل قلب من قلوب شعبه مقرًا لا يفارقه.
** ذلك القائد التلقائي، الاستثنائي، الذي ألفه الناس كما يألفون نسمة الهواء العليل، ويتلمسونه كما يتلمسون نعمة العافية للأبدان، ويتلذذون برؤيته كما يتلذذ الملهوف برؤية من يحب.
** نعم: رزيتنا بفقد هذا الملك الإنسان، أكبر وأعظم من أن نستوعبها لولا أننا ندين بالإسلام الذي تعلمنا منه وفيه، أنه لا خلود إلا (لله وحده لا شريك له)، وبالتالي الرضا بأحكامه وأقداره، فله الحمد، وله الأمر من قبل ومن بعد.
** لقد أشفقت (والله) كثيرًا على أولئك الذين حاولوا التصدي إعلاميا للحديث عن إنجازات، ومآثر الراحل العظيم، لعلمي بأنهم سيفشلون في حصر وتعداد مآثره ومنجزاته و(عطاياه) لأنهم لا يستطيعون حصر وتعداد (مزاياه) وبالتالي بديهية تلازمية العطايا بالمزايا.
** كما كانوا سيفشلون لو أنهم حاولوا البحث عن أي قطاع من قطاعات الدولة، أو مرفق من المرافق المعنية بشؤون وشجون وهموم المواطن، لم تمتد إليه يد عبد الله سواء على سبيل التطوير، أو على سبيل الإصلاح، ناهيك عن مئات المشروعات العملاقة التي استحدثها -رحمه الله- على كافة المستويات والأصعدة والتخصصات التي تصب جميعها في خانة رفعة الوطن، ورخاء وسعادة وراحة المواطن والمقيم على حد سواء.
** فقيدنا لم يكن مجرد رجل، ولم يكن مجرد حاكم، ولم يكن مجرد قائد.
** لقد كان أكبر وأعظم من ذلك كله.
** فلقد كان الأب الرحوم، والأخ الوفي، والصديق الصدوق.. وكان اليد الحانية، والقلب النابض بكل ما تعنيه مفردات الإنسانية وقيمها.
** رحم الله والدنا وحبيبنا (عبد الله بن عبد العزيز).
** وجزاه عمّا قدمه للحرمين الشريفين ولأمته ووطنه خير الجزاء.
** كما أسأله جل في علاه، أن يمد خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك (سلمان بن عبد العزيز) وولي عهده، وولي ولي عهده، بعونه وتوفيقه، وأن يديم على بلاد الحرمين وأهلها، نعمة الأمن والرخاء والسلام.
** {إنا لله وإنا إليه راجعون}.
- محمد الشهري