إن الفقد والوداع من المشاعر التي تتفاعل معها النفس بشكل فيه انقباض وعلى مقام المفقود على مقدار الانقباض النفسي ونحن وإن كنا فقدنا ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز وانقبضت أنفسنا لذلك إلا أننا في المقابل ولحبنا له رحمه الله نعتقد بأنه سيفد على ربنا الرحمن الرحيم الذي سيعامله برحمته ولطفه وإن من دلائل الخير وتباشير التوفيق أن له محبة مطبوعة في أنفس البشر ليس في بلدنا المبارك السعودية وحسب بل إننا نلمسه في عدد ليس بقليل من كآفة الجنسيات المختلفة من بلدان العالم وهذا كله يجعلنا نعتقد أن تجربة الموت التي يمر بها إنما هي تجربة عبور له إلى جنات النعيم والملك المقيم بإذن المولى الكريم. وإننا إذا استرجعنا شريط حياته رحمه الله لوجدنا فيه الكثير والكثير من قيم الإنسانية الخلّاقة. إنك أيها الملك الإنسان قدمت الكثير من الإضاءات النورانية في هذا الكون ومن تلك الإضاءت دعوتك لحوار الأديان والحضارات والتقريب بين المذاهب الإسلامية وأيضا الابتعاث الدراسي فمن أعداد قليلة إلى شباب وشابات سعوديين تتجاوز أعدادهم المائتي ألف شاب وشابة في كثير من جامعات العالم ومن الإضاءات كذلك مشاركة المرأة في مجلس الشورى.
وإننا إذا تأملنا الصورة بشكل كامل دخوله للمستشفى ثم وفاته ثم مبايعة الملك سلمان بن عبدالعزيز نشاهد في الصورة كاملة الهدوء والتوزان والانسجام والتناغم وتلك والله نعمة من نعم الله العظيمة التي تستوجب مزيد الشكر نعم أيها القائد الكبير وملك الإنسانية الصالح عبدالله بن عبدالعزيز إنك تارك بعدك فراغا كبيرا ولكن حسبنا أن الملك سلمان بن عبدالعزيز قادر بإذن الله على سدّ هذا الفراغ فكلكم قادة كبار إن حصل لأحدكم مانع قام الآخر بالأمر خير قيام. لقد انتقلت أيها الملك الصالح بسلام وإننا نحبك فنستودعك الله أكرم مضيف ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله.