إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنّا على فراقك يا والد الجميع وخادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز لمحزونون، ببالغ الأسى والحزن وبقلوب مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره تلقينا خبر وفاة والدنا الرجل الصالح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية. إنه لمصاب جلل وخطب جسيم ألمَّ بنا، فنحن نحزن على فقدان رجل أمة عظيم مخلص لوطنه وفيّ لشعبه ومهتم بأمر أمته، لقد جسد لنا أسمى آيات التلاحم بين القيادة والشعب ببساطته وإنسانيته وحبه لشعبه بدون استثناء، وهو من رسم لنا طريق الوفاء، وغَذَّانا من نبع الحب والعطاء على خطا والده الملك الباني عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله، وهو من عمّ خيره أرجاء مملكتنا الحبيبة بل والعالم بأسره، وبصماته يرحمه الله واضحة جلية في مسيرة العطاء والازدهار لهذا الوطن الغالي.
نعم لقد جسّد عهده قيم الإنسانية وقيم العطاء وكان شغله الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين جميعًا بلا تفرقة، شهدت المملكة في عهده العديد من الإنجازات الطموحة العملاقة، إنجازات جليلة في مختلف الجوانب التعليمية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعمرانية تميزت بالشمولية والتكامل وجسدت أروع الأمثلة لتفانيه ـ يرحمه الله ـ في خدمة وطنه ومواطنيه وأمته العربية والإسلامية والمجتمع الإنساني بأسره، فشهد الحرمان الشريفان في عهده أكبر توسعة في تاريخ البشرية، وشهد قطاع التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص في عهده نمواً وتطوراً ملحوظاً وحظي بدعم كبير ولا محدود، فانتقل التعليم العالي إلى جميع مناطق المملكة ومحافظاتها بفتح الجامعات وإتاحة فرص التعليم العالي والدراسة المناسبة لأبناء وبنات الوطن داخلياً، ولم يكتف بذلك، بل فتح برنامج الابتعاث الخارجي للتعليم العالي ليكون أكبر برنامج في تاريخ المملكة بل إنه يعد أكبر نسبة ابتعاث على مستوى العالم من حيث نسبة المبتعثين لعدد المواطنين، كل ذلك استشعاراً منه يرحمه الله لأهمية رأس المال البشري لهذا الوطن الذي كان وسيكون له الأثر في بناء المجتمع وتنمية هذه البلاد المباركة في كل النواحي والمجالات.
وقد كان لسياسته الحكيمة يرحمه الله أثر كبير في تبوؤ المملكة مكانة مرموقة محلياً وإقليمياً وعالمياً، فقد انتهج -يرحمه الله- مبدأ العقلانية اتجاه مختلف القضايا، معالجاً ومقترحاً ومدافعاً عن مبادئ الأمن والسلام والعدل وصيانة حقوق الإنسان.
استطاع بحكمة القائد الواعي -يرحمه الله- أن يحمل وطنه ومجتمعه ويسير بهما إلى شواطئ آمنة في ظل قرارات موفقة أثبتتها حسن القيادة وروعة القرارات في أصعب المواقف إلى مكانتهما العالمية. فكانت هذه البلاد مثار إعجاب وتقدير واحترام الآخرين.
فرحمك الله أبا متعب وأسكنك فسيح جناته، وألهم أهلك وأمتك الصبر والسلوان. وعزاؤنا فيك أن أخاك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله هو رجل الموقف وخير خلف لخير سلف أعلن استمرار المسيرة والسير على نفس النهج القويم، وأصدر من القرارات الحكيمة والموفقة ما يضمن استمرار استقرار ورخاء وطننا الحبيب ومواصلة مسيرة البناء والتنمية، فلك منا يا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أصدق العزاء وأعظم المواساة بوفاة أخيكم رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وللشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية من أقصاها إلى أقصاها كل العزاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وفي نفس الوقت نبايعكم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، ونسأل الله العلي العظيم أن يمن عليكم - حفظكم الله - بموفور الصحة والعافية وأن يمدكم بعونه وتوفيقه، وأن يشد عضدكم بأخيكم ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز حفظهم الله جميعًا، وأن يحفظ على مملكتنا الحبيبة عزها وأمنها واستقرارها تحت هذه القيادة الرشيدة، وأن يرد كيد الحاقدين والحاسدين في نحورهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
- وكيل جامعة الملك سعود للشؤون التعليمية والأكاديمية