لم يكن خبر وفاة والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خبراً عادياً، وأنه بالإمكان استيعابه وتقبله بين يوم وليلة، لكن إيماناً بقضاء الله وقدره ندعو له من قلوبنا بالمغفرة والقبول الحسن في مثواه الأخير؛ وذلك لمكانة الملك عبدالله - رحمة الله عليه - في قلوب الجميع، ولدوره الإنساني والإسلامي المهم على المستوى العالمي، ولكرمه الأبوي الملموس للعالم أجمع وتقديره لنساء شعبه بالذات، واعتبارهن مثل نسائه المقربات لقلبه. وسأتناول جزئية مهمة هنا في هذه العجالة، لمستها من تعامله الطيب مع النساء بالذات عندما كنت من ضمن وفد مركز الحوار الوطني الذي قام بزيارته في قصره بالرياض بعد انتهاء فعاليات جلسات اللقاء الوطني التاسع في حائل عام 2012م، فكان استقباله للوفد النسائي لا يُنسى لما يتمتع به من روح أبوية عالية بالرغم من ظروفه المرضية؛ إذ قام بالانتقال مشياً من قاعة الوفد الرجالي للقاعة المخصصة للنساء، وكان حريصاً على التعرف على عضوات الوفد ومهامهن العملية، وترحيبه الأبوي العفوي بنا، وتقديم التوجيهات لهن فيما يخص مطالبهن كقياديات ومسؤولات في جهات مختلفة في الوطن. ولم أنسَ نصائحه حينها فيما يخص العنف الأسري وقت اللقاء، وأهمية الحوار بين أفراد الأسرة للحد من المشكلات التي تحدث لعدم الاهتمام داخل الأسرة! ولن أنسى أيضاً عندما سألني عن اسمي وعملي، فعندما أجبته رد عاجلاً بكل العفوية (والنعمَ). هذه الكلمة التي لن أنساها من قلب حاكم يملك الحب والتقدير لبنات شعبه مفخرة لي ولجميع نساء هذا الوطن. لقد كان لقاء سريعاً، لكنه كان تاريخياً ومميزاً بمعنى الكلمة مع ملك حنون، يهتم بمصالح الجميع من شعبه الذي لن ينساه أبداً، فلقد كان بسيطاً معنا، خاصة عندما رحب بأخذ الصور التذكارية معه بدون انزعاج بعد حواره الصادق الموجه لجميع أعضاء الوفد؛ إذ كان يقول: إن شاء الله ستحققون ما تريدون، لكن عليكم بالصبر والهدوء! لقد كانت نصيحة عظيمة من ملك عظيم، لديه نظرة مستقبلية لما يخص شؤون المرأة في بلادنا، وهذا ما لمسناه جميعاً نحن النساء في عهده الذهبي، وما تحقق من إنجازات علمية وقضائية ووظيفية ونظامية بشأن رفعة مكانة المرأة أسوة بشقيقها الرجل!
لقد ودعناه بقلوب مطمئنة راضية بقضاء الله وقدره، داعين له بالمغفرة والرحمة الواسعة، راجين الله أن يعين ملكنا سلمان بن عبدالعزيز، ويمده بالصحة والعافية، فالأمل به كبير، ولن يخيب - بإذن الله - لأنه خير خلف لخير سلف، فالشعب السعودي نساء ورجالاً صغاراً وكباراً يشكرون ويحمدون الله على نعمة الأمن والأمان التي ينعمون بها في ظل حكومتنا المتماسكة قلباً وقالباً.