يجمع الذين عرفوا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله عن قرب بأنه رجل بأمة، عصرته الخبرة، وصهرته التجارب، وتربى في بيت القيادة والريادة، وورث العلم والفكر والفطنة والحكمة والشجاعة، فهو قامة شامخة، ومدرسة في الريادة والقيادة، ذو فطنة عالية وسرعة في البديهة نادرة، وقدرة على الإلمام بالتفاصيل وجمعها في كل موحد منذ الوهلة الأولى، وهو بحق مسؤول يجمع صفات القائد الحازم دون قسوة، واللين الحنون دون ضعف، والقوي دون جبروت واستبداد بالرأي فهو الرجاع إلى الحق دون تردد إن ظهرت لديه القرائن والأدلة، ولا يجد غضاضة في إعلان ذلك فهو يقول دائماً (كل امرئ يخطئ ويصيب إلا الأنبياء المعصومين). إنه منصف في إعطاء الحق، ومستمع جيد لما يعرض عليه من مشكلات. وهو عادة لا يتخذ القرار من الوهلة الأولى، بل يستفسر ويتحرى ويسأل ويجمع المعلومات ويستشير أهل الخبرة قبل أن يصدر قراره. أما حين تكون الأمور بينة وواضحة، فهو يبادر لاتخاذ القرار المناسب بشكل حاسم ونهائي. وينهي المشكلة بأسرع ما يمكن دون تلكؤ وانتظار. وهو حين يفصل في أمر من الأمور يحرص كل الحرص على أن يكون حكيما ومنصفا، دون تحيز أو مراعاة لأي اعتبارات شخصية.
وقد كشف (الشيخ ناصر الشغار) الذي احتك بالأمير سلمان طيلة أكثر من خمسة وثلاثين عاما، عن جانب لطيف من شخصية الأمير سلمان، وعبر عن ذلك قائلا: ((وإذا أحس الأمير سلمان بأنه قسا عليك، يطلبك بصفة شخصية ويتسامح منك دون تردد وبكل ثقة واحترام وينصفك بكل ما تعني الكلمة)).
إن كل هذه الصفات، إنما هي صفات قائد محنك اختبر الحياة والناس وتعامل مع ظروف الأيام والزمن بصبر وأناة. ولعل تجربته كأمير لمنطقة الرياض، ونجاحه الباهر في قيادة كل التحولات التي شهدتها مدينة الرياض، وهي تحولات جذرية وأساسية وعميقة وشاملة. نقلتها من مجرد مدينة صغيرة، إلى مدينة عملاقة وحديثة تضاهي أكبر مدن العالم. هي تجربة فريدة من نوعها، إذ لم يعرف التاريخ رجلا ظل مسؤولا وقائدا ناجحا ومتطورا في عمله كما هو سلمان، ثم تجربته الغنية بوزارة الدفاع، ثم ولاية العهد، وحضوره الدائم في دفة القيادة العربية والعالمية مكنه من امتلاك مكامن القوة والحكمة في القيادة.
والملك الصالح سلمان محبوب من جميع فئات المجتمع، وكل مستويات الناس. وهذا أكبر دليل على نجاحه وتفوقه وقيادته البارعة والحكيمة. وقد أشار الكاتب عبد الله ناصر العتيبي في جريدة الحياة بالعدد رقم (16350)، بأن طريقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله في الإدارة تعتبر بكل المقاييس العلمية (النظرية والتطبيق) إلهاماً لمنظري علم الإدارة ليس على المستوى الوطني فحسب بل على المستوى العالمي، ويسمي هذه الطريقة «بالمنهج السلماني» في الإدارة الذي يجتمع فيه الحزم بالحنو، والشدة باللين، والثواب بالعقاب، والمرونة بالصلابة، والتفويض بالمركزية، وفوق كل ذلك وأهم منه أن هذا المنهج ممتزج تماماً بالمقصد الرئيس من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
إن هذا المنهج متشكل من خلاصة أفعال وأقوال خادم الحرمين الشريفين على هيئة قالب علمي مبني على نتائج علمية صحيحة تحققت تحت ظروف التجربة، ويستطيع الراصد المتتبع لتجربة الأمير سلمان الإدارية الخروج بعدد من التصورات والانطباعات ومنها:
- رؤيته الثاقبة والحكيمة والخبيرة التي تعطي لصناع القرار العاملين تحت إمرته القدرة على استلهام النتائج قبل وضع حجر أساس البدايات.
- طريقته في إدارة الأزمات والتي لا تقف فقط عند احتواء الأزمة بل تتعداها إلى رفع آثارها بشكل يحيلها إلى نعمة.
- قدرته الفائقة الإلمام بتفاصيل ودقائق وأبعاد الحدث، ومهارته الفائقة معالجة المواقف بحكمة وحنكة يندر أن تتحقق إلى من خلال المنهج السلماني في الإدارة.
- علاقاته المميزة مع كل الأطراف والكيانات والأفراد والهيئات بصورة تجعل كل فئة من هذه الفئات تعتقد أنها الأولى في سلم الاهتمامات، ولهذا لعمري مستوى قيادي نموذجي
- متابعته اليومية الدقيقة للأحداث والمشروعات والقضايا المحلية والعالمية، بل ولكل هموم الناس ومشكلاته وقضاياهم عبر كل الوسائل المتاحة.
- اهتمامه الكبير ودعم لا محدود للجمعيات الخيرية، والمشروعات التنموية، وحرصه الدائم على استتباب الأمن.
- إشرافه المباشر على كل مفاتيح الدولة الرئيسة كأعلى سلطة هرمية، وتفويضه من ينوب عنه في القطاعات كافة بصلاحيات كبيرة تتيح لمن هم تحت في التسلسل الهرمي الابتكار والإبداع.
- صلة لرحمة ورعايته المثالية للمقربين منه وللفقراء والمساكين بالرغم من مشاغله التي ينوء بحملها الفئام من الناس.
إن القيادة السلمانية للأمة العربية في هذه الفترة العصيبة من التأريخ لتمنح المواطن العربي طمأنينة وثقة برحمة الله وتوفيقه أن هيأ لهذه الأمة أمثال خادم الحرمين سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله، فمرحبا سلمان، وأهلا وسهلا بمن صاحبته البركة والتوفيق، وتعلم منه القادة، وتتلمذ في مدرسته القيادية العديد من رواد الفكر والقيادة والإدارة.
حفظ الله لنا سلمان، وهنيئا لنا سلمان، ومرحبا وأهلا وسهلاً بسلمان، سدد الله خطاه ونفعنا بعلمه وقيادته وبارك فيه وفي الأسرة المالكة، والشعب السعودي الكريم.