ودع العالم منذ أيام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - بعد جهاد طويل في خدمة أبناء وبنات شعبه والدفاع عن حقوق العرب والمسلمين ونصرة قضاياهم، واستقبل ببشر وترحاب بيعة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله ورعاه - ملكاً على البلاد وبيعة صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، وبيعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه - ولياً لولي العهد ونائباً ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية.
ولقد أثبتت الدولة السعودية المباركة للعالم اليوم، كما أثبتت مرات ومرات، أنها عصية على أسباب الضعف والاختلاف بإذن الله، قوية برجالاتها من أنجال وأحفاد جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وعازمة على الاستمرار في مسيرتها التنموية مستمدة العون من الله ثم من العقد المتين الذي يجمع بين قيادتها وشعبها الوفيين.
إن الابتهاج ببيعة الملك سلمان - وفقه الله - لا يقف عند كونه انتقالاً مُحْكَمَاً للمسؤولية من ملك إلى آخر، بل يتعداه إلى الابتهاج بانتقال المسؤولية إلى رجل له في ميادين الحكم والسياسة والإدارة مواقف طولى وخبرة ثرية، تحكي عنها النقلة الكبيرة التي تحققت لعاصمة البلاد إبان توليه إمارتها والتي جعلت من الرياض قبلة العرب الأولى وإحدى أحدث وأفضل المدن في الشرق الأوسط.
وبالإضافة إلى ما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - من خبرة وحكمة في ميادين الحكم والسياسة والإدارة، فإن ملمحاً آخر من شخصيته الكريمة يبرز ويظهر في سيرته الشخصية والإدارية وهو (الوفاء)، حتى باتت الأمثال تضرب في وفائه - رعاه الله - لوطنه وإخوته وأبناء وبنات شعبه، وإن واحدة من أصدق صور وفاء مقامه الكريم لوطنه، عنايته بحفظ التاريخ السعودي وتدوينه ونشره، وهو التاريخ الذي شكلته عزيمة والده - والد هذه الأمة غفر الله له - وأسلافه من رجالات الدولة السعودية.
والمتأمل في عناية ومعرفة خادم الحرمين الشريفين بالتاريخ لَيُدرك ما تمثله البيعة بالنسبة له من أهمية، وهي البيعة التي انطلقت من قصر الحكم بكل ما يرمز إليه من مكانة في تاريخ الدولة السعودية وفي قلب مليكنا الأجلّ.
ولم يكن بغريب أن يستهل الملك سلمان عهده بالعفو، والبذل، والعطاء، فجاءت الأوامر الملكية الأخيرة التي أصدرها - رعاه الله - لِتُحدث تحولاً تاريخياً في منظومة العمل الإداري بالمملكة سيقف المؤرخون والباحثون والمشتغلون بالإدارة في المملكة عنده طويلاً .
كما أن المتأمل في ما قضت به هذه الأوامر الملكية الكريمة يدرك ما تمثله من نقلة نوعية في عمل السلطة التنفيذية للدولة، عنوانها (زيادة الكفاءة) . فإلغاء عدد من أجهزة العمل التنفيذي وإنشاء مجلس للشؤون السياسية والأمنية برئاسة رجل الإدارة المخضرم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله - ، وإنشاء مجلس للشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة المفكر الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، سيؤدي إلى زيادة كفاءة مؤسسات العمل التنفيذي ورفد مسيرة التنمية في البلاد بمجلسين متخصصين يُصنع فيهما القرار بنشاط وتبصر، يلبيان احتياجات العمل التنموي ويعالجان تحدياته الكبيرة.
وإن مبعث الأمل والسعادة أن تسند مسؤولية قيادة هذا التغيير في عمل مؤسسات مجلس الوزراء إلى رجلين لا يمثلان الجيل الثالث من أسرتنا المالكة الكريمة فحسب، بل ويمثلان قيادة واعية ومبصرة باحتياجات الشؤون الأمنية والسياسية وشؤون الاقتصاد والتنمية وشجونها وأسباب التحديث والتطوير الإداري.
وفي الوقت الذي يستبشر الوطن بما تحقق ويتحقق من منجزات، ويستذكر سيرة من رحلوا من ملوكه الكرام، ويبارك بيعة ملك جليل أيده الله ورعاه، إذ نبتهل جميعاً إلى الله تبارك وتعالى بأن يحفظ وطننا أبياً شامخاً كما عهدناه.
حفظ الله مليكنا الأجلّ، وحفظ الله ولي عهده الامين وحفظ الله ولي ولي العهد الساعد المتين، ووفقهم جميعاً لما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
صالح بن خالد الهدلق - نائب الأمين العام لمجلس الوزراء