(ا)- ذَاكِرَةُ فَقْدٍ
هي ذات الزهرات في الربيع المنصرم.. لم يزدد عددها. احتفظت بالأصيص ولم احتفظ حتى بملامحه التي سورها الضباب. بطني ثقلت بحملها..!!.
بين الدروب القصيرة النفس قادتني سيارته، وفي مكان شديد الظلام اقتنص قبلة ساخنة وسريعة. إنها المرة الرابعة التي يسجن فيها.
- أي نوع من العمائم قد وضعتك على كرسيها الكهربائي قبل أن تتذكرني بزيارة.
حلقت عيناه في متاهة.. السجون تتوالى كسلسلة لا انقطاع لها.
- هل تعرفين أني أصبحت لا أذكر عدد السجون ولا كيف دخلتها ولا حتى لم كنت أسجن؟؟. قبل يدي و ذرف دمعة قبل أن يلفني الظلام.
- تمنيت لو كان ولدي يا حبيبة. أغلق نافذة سيارته، وأغلقت باب بيتي وارتعد الجنين بشدة.
(2)- معزوفة حنين
تسربت الموسيقى من عشرات المنافذ، واستيقظت المسامات على جسدي كجيش عرمرم.. انتصبت الشعيرات الدموية وضرب قلبي كطبول حرب.
المدينة تنام في حجر الصمت والكهوف موصدة على همسات لا تسع مداها رإدارات القصر المتمادي. ثوبي الأبيض لم يتسق ولون الريح.. لم يتسق والليل.. امتد الطريق أمامي وغدت الحراب أشبه بالخيال..
الموسيقى ترفع الأعناق صوب طرقاتي المضيئة.. وأغصان الكون المتناثرة تفزعني بلا نهائيتها.. يا لهول التشابك.. الجنود يلتحمون في معركة مع المنافذ.. مع المسامات.. مع الشعيرات.. مع دقات قلبي التي أمالت رأسها على كتفي. بيتهوفن يجلس عند النافذة، يرى الى بركة دمي وزورق القدر يطفو على سطحها بهدوء.
(3)- ثرثرة الأحلام
قالت لي ابنتي: إن الزهر لا يشم عطره، لذا تأخذه الدهشة كل مرة يذبحون عنقه فيها، وأن العشب ينمو بغرور كل ربيع ويعجب ألا يسمع صراخه أصحاب الأقدام الكبيرة المبتهجين باخضراره.
قالت ابنتي إن القمر يعكس ضوء الشمس كي نراه ويحزن لأننا نغلق النوافذ وننام وقت اشتياقه للقاء.. ابنتي تثرثر كثيرا، وأنا اغسل الصحون.. اعد طعام الغداء والعشاء.. اغسل الثياب.. انفض الغبار.. امسح الأرض..
- كفي ايتها الثرثارة!!.
عيناها صغيرتان كقمرين سوداوين.. وشفتاها كبتلتي زهرة.. وعودها طري كالعشب.. حين نامت على كتفي تلك الليلة انتابني الهلع.. ألا ابتعد يا قاطف الزهور.. يا قاتل كبرياء عشب الربيع.. يا موصد نوافذ صنعت لتستقبل إطلالة القمر.. ارحل أيها النوم .. ارحل.. إنها ابنتي التي تثرثر حتى في أحلامها.
- ماجدة الغضبان