اللافت في أعضاء الحكومة التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله، - عشية التاسع من ربيع الآخر من العام 1436هـ - أنها حكومة تكنوقراطية تضم عدداً وافراً من النخب المثقفة الوطنية غير الحزبية، وهي عودة مجدداً لما كانت عليه الحكومة في أوائل تأسيس المملكة، حيث تم استثمار الطاقات الشابة من الكفاءات المطعمة بخبرات متنوعة من شخصيات تميل إلى البحث في الظواهر ومشكلات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، دون أن يكون لهم اهتمام في التحزبات السياسية أو المطامع السلطوية، كما أنهم ميالون إلى العمل الجاد التقني والفني.
الاستخبارات والزراعة والصحة والتعليم والطيران والإعلام، وغيرها من الوزارات والهيئات، تسلّم حقائبها أكاديميون واقتصاديون وتقنيون فنيون.
وتلجأ عادة الدول لحكومة التكنوقراط «في الوضع الذي تحتاج فيه الدولة إلى حكومة علمية تقنية، تعمل على البدء بدراسة أوضاع الدولة الاقتصادية والصناعية والزراعية، وإيجاد حلول سريعة وعلمية لهذه المشاكل والأزمات. وتكون هذه الحكومات غالباً غير حزبية، وبرامجها تتعلق بحل المشاكل في المجالات المختلفة. وتكون نوعاً ما بعيدة عن التركيز على السياسات العامة التقليدية».
وللحكومات التكنوقراطية تجارب ناجحة، فقد بدأت أول حكومة تكنوقراطية عام 1932 في أمريكا وتمثل النقلة الرئيسة في التطور الصناعي والاقتصادي الذي ماتزال تشهده الولايات المتحدة.
كما ظهرت في الصين بعد مراحل من الانغلاق والآحادية وسيطرة الشيوعيين المتشددين والعسكريين، والذي جعل من الصين دولة ضعيفة،
إلا أنّ رئيس الصين دينج شياو بينج، الذي بدأ عهده بأواخر السبعينيات، تنبه لأهمية التكنوقراط فأرسل البعثات للغرب كي يتعلموا ويتخصصوا، وانطلقت بعد عودتهم نهضة الصين الحديثة.
تبدأ المملكة اليوم مرحلة جديدة تعتمد فيها على النخب والأكاديميين والمتخصصين، وتبتعد عن الساسة والحزبيين، وهذا مؤشر يبشر بتنمية حثيثة تعمل باجتهاد وتركيز متخففة من الانشغال بالسياسة واسترضاء التيارات.