التغيير سنة الحياة، سواء على مستوى الطبيعة أو البشر أو الأمم، ومقاومة التغيير ورفضه هو إيذان بالفشل، ولعل التغيير تظهر أهميته على مستوى الفرد، خاصة إذا كان يؤمن بالمنافسة مع الآخرين، ويسعى إلى تطوير ذاته، فكيف هو الأمر حينما يصبح التغيير مهماً على مستوى الشعوب والدول؟
فحزمة التغييرات الوزارية التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، هي تغييرات مهمة ومؤثرة، جاءت سريعة ومباشرة، في وقت ظن فيه بعض المحللين أن التغييرات ستحدث حتماً، لكنها ستكون في غضون أشهر، وربما تكون تغييرات محدودة، لكن من يعرف شخصية الملك سلمان، كرجل دولة، يدرك أنه لن يتردد أبداً في اتخاذ أي قرار، أو أي تغيير من شأنه نقل البلاد إلى مزيد من التطوير والنماء.
وبالرغم من أن البلاد شهدت تغييرات وزارية محدودة منذ أشهر قليلة، إلا أن هذه التغييرات الواسعة، طالت حتى ممن تم تعيينهم مؤخراً، كما في وزارة الصحة، والشؤون الإسلامية، والثقافة والإعلام والشؤون الاجتماعية والتعليم... بمعنى أن الأمر لا يرتبط بالأقدمية في المنصب، وإنما بالكفاءة والإنجاز، بالذات في الوزارات الخدمية، التي يلاحظ أن القرار ركز فيها على كفاءة الأداء والقدرة على الإنجاز، أكثر من المسار العلمي أو الأكاديمي، مما يعني أننا مقبلون على مرحلة عمل حقيقي، يجب أن يكون الوزراء الجدد فيها، قادرين على المنافسة مع أقرانهم الوزراء الذين حققوا كثيراً من القبول والرضى لدى المواطن.
ومن مزايا التغييرات الجديدة، أنها ضخت روح الشباب في بعض القطاعات، كوزارة الثقافة والإعلام، فالوزير الدكتور عادل الطريفي، يعد من أصغر الوزراء الذين لم يبرحوا الثلاثينات، وجاء من قلب العمل ذاته، سواء من الصحافة الورقية من خلال رئاسته لصحيفة الشرق الأوسط، أو الإعلام المرئي من خلال إدارته لقناة العربية، فضلا عن وجوده منذ بداياته في العمل الصحفي، في الوسط الثقافي والإعلامي. كذلك وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، الذي أيضاً لم يزل في الثلاثينيات، وأيضاً الروح الجميلة لوزير التعليم، الدكتور عزام الدخيل، الذي كان بسيطاً ومتواضعاً، في يومه الأول، بين المعلمين والطلاب يلتقط صور «سيلفي» بكل بشاشة، نتمنى أن تنعكس على عمله الإداري والتنظيمي!.
وكما كانت هذه التغييرات تحمل قرارات جادة وعميقة، فإنه على كل واحد من هؤلاء الوزراء الجدد، أن يتخذ قرارات إدارية جادة ومؤثرة في وزارته، فقد كتبتُ مراراً، أن أزمة الإنجاز الحكومي، وتأخره، وبيروقراطيته، في بعض الوزارات، هو بقاء أصحاب المناصب العليا فيها لمدد طويلة جداً دون تغيير، أو حتى دون تدوير داخل الوزارة، أو بين الوزارات، وهذا ما يجعل العمل الإداري يصبح روتينياً، تنعدم معه روح المبادرة والإبداع، وبالتالي تبقى المشكلات التي يعاني منها المواطن كما هي، دول حلول مبتكرة، لذا ننتظر أو نتوقع من كل وزير تغيير البيت من الداخل، وإعادة ترتيبه، سواء بتدوير الموظفين، أو استقطاب موظفين جدد، يديرون دفة الوزارة، ويعملون على تطويرها.