سبق وأن كتبت العديد من المقالات عن التأمين الصحي، لأن هذا الملف يُعتبر من الملفات الشائكة، وفي هذا المقال أردت أن أحصر مقالي في فئة معينة من المجتمع، وهي الفئة الأكثر حاجة إلى العلاج لنختصر المسافات والسجالات التي لا تغني ولا تسمن من جوع والتي لا نخرج منها إلى حلول فعّالة لأسباب عديدة قد تكون بسبب عدم الجاهزية.
ولا يكفي أن نردد مقولة إن الصحة هاجس كل الحكومات، ونبحث عن الحلول ونحن نراوح في مكاننا، لأننا نبدو وكأننا نصطدم بأسوار عالية لا يمكن تسلُّقها فتذوب الحلول أو تهرب بنفسها، بسبب تصوير أن حل المشكلة معقد وصعب جداً.
لذلك، من الأفضل أن نتجه إلى الحلول الجزئية، ونبدأ بالمسنين والأمراض المزمنة خصوصاً أن عدد المتقاعدين لا يتجاوز كثيراً مليون متقاعد ومتقاعدة، وحسب الإحصاءات السكانية فإن عدد السكان الذين فوق 60 عاماً عام 2010 يبلغون مليوناً و226 ألف شخص، وهذا العدد هو الفرق بين العاملين الذين تقاعدوا وغير العاملين يمثلون 4.5 في المائة من السكان، لنبدأ الحلول خطوة خطوة بإعطائهم بطاقات تأمين صحية يختارون المستشفى الذي يريدون أن يتعالجوا فيه بدلاً من التوجه نحو الحل الشامل الذي عادة ما يصطدم بعقبات جمة خصوصاً أنها الفئة الأكثر حاجة إلى الرعاية الصحية، وتستنزف نسبة كبيرة من ميزانيات الإنفاق على الخدمات الصحية والتي يقدرها البعض بأنها تستهلك أكثر من 70 في المائة في السعودية، وفي الدول المتقدمة تصل إلى 75 في المائة.
ويُضاف إلى المسنين الذين يعانون من الأمراض المزمنة، وخصوصاً الذين يعانون من أمراض السرطان، وتوضح الإحصائيات سنوياً أنه يُضاف 11 ألف مريض، وكذلك المصابين بالفشل الكلوي، هذا إضافة إلى المصابين بالسكري يمكن أن تكون لهم مراكز علاج خاصة لهم لأنهم يمثلون 16.7 في المائة من السكان، والمصابين بضغط الدم 11.1 في المائة والمصابين بالربو 13 في المائة.
والبدء بالحلول الجزئية التدريجية هي أفضل الحلول وأسرعها بسبب أن السعودية ما زالت فيها المرافق الصحية لا تغطي كافة المرضى، فمعدَّل الأسرّة 2.2 سرير لكل ألف نسمة، وهي نسبة أقل مما هو موجود في الدول المتقدمة التي تصل في أوربا إلى 6.8 سرير لكل ألف شخص في فنلندا، بينما في أمريكا يصل عدد الأسرَّة إلى 3.1 سرير لكل ألف شخص، ونصيب الفرد من إجمالي الإنفاق على الصحة في السعودية يصل إلى 482 دولاراً، بينما في الدول المتقدمة يصل إلى سبعة أضعاف هذا الرقم، ففي فرنسا يصل متوسط الإنفاق على الفرد أربعة آلاف دولار سنوياً، وفي فنلندا يصل إلى 2840 دولاراً وفي أمريكا يصل إلى 7285 دولاراً.
كما أن نصيب الفرد السعودي من الدواء 195 ريالاً (52 دولاراً) مقارنة بكندا التي يتحصل الفرد الواحد فيها على دعم حكومي في كل الأمراض ما يقارب 800 دولار.
وميزانية وزارة الصحة والخدمة الاجتماعية في ارتفاع والتي وصلت في عام 2012 إلى 86.5 مليار ريال بزيادة 26 في المائة عن الميزانية السابقة، وجارٍ هناك تطوير البنى التحتية وتنفيذ 195 مرفقاً صحياً منها خمس مدن طبية، وتنفيذ 97 مستشفى وإعادة بنية 44 مستشفى وإنشاء 8 مراكز للسكري من أصل 21 مركزاً وطرح 11 مركزاً للأسنان بالإضافة إلى إنشاء 13 مشروعاً لمختبرات صحية وبنوك دم.