غسان محمد علوان
تعادل الهلال دورياً مع الفيصلي بنتيجة هدفين لمثلهما في المباراة المؤجلة (المكمّلة) للقاءات الفريقين في الدور الأول. غضب جمهور الزعيم من ضياع نقطتين كانتا في متناول اليد، ولكن العجيب في الموضوع أنهم لم ينفجروا غضباً بل تلمسنا في خطابهم تغليباً للحزن على الغضب. الحزن الذي بدأ يتسرب لأنفسهم مكمنه أنهم يرون فريقهم يهوي بشكل متسارع بلا هوادة. نزيف نقطي غير مسبوق، فريق تائه على أرضية الملعب بلا لون أو طعم، وتصاريح رسمية غير منطقية تزيد المرارة في أفواههم لدرجة اختناق الحروف على ألسنتهم.
إذا سألنا أي مشجع هلالي السؤال البسيط والمزعج: (ما هو الخلل في الهلال؟) فستجده متردداً بين لوم المدرب تارة لعدم وجود أي نهج أو شكل فني على أرضية الملعب، ثم تراه يستدرك إجابته قائلاً: ولكن المستويات التي يقدمها اللاعبون أيضاً ليست مقنعة. ثم تراه يزيد مُغْضَباً: ولكن الإدارة لم تحاول رأب الصدع بين بعض نجوم الفريق والمدرب (كما يشاع)، ولم تعين إداريين أقوياء يساعدون على خلق الانضباطية المطلوبة أو بث الحماس في الفرقة الزرقاء ككل.
عندما تستعرض هذه الإجابات ينتابك شعور بأن الأطراف الثلاثة التي تم طرحها ما هي إلا جُزُرٌ منفصلة تماماً، وكل منها يسبح في فلك لا يتقاطع مع الآخرين إطلاقاً. ومثل هذه الانطباعات هي ما يولّد الحنق والغضب بل والحزن الذي لم نعهده على مشجعي الزعيم.
في أي عرفٍ أزرق يتم تجاهل النتائج وفصلها تماماً عن العمل الذي يقدّم للوصول إليها؟ ومنذ متى والعمل الجيد لا ينتج شيئاً جيداً؟ أكاد أجزم أن مثل هذا الفكر لا يوجد إلا في عقلية إدارة الهلال، ولا ينطق به سوى المتحدث الرسمي للنادي الاستاذ عبدالكريم الجاسر. أبو يزيد الذي لم يعد يلقى قبولاً لدى الجمهور الهلالي لازال يسعى لتوسيع الهوّة بينه والإدارة من جهة والجمهور من جهة اخرى.
أصبح الخطاب الهلالي ينتقي كل ما يريده الجمهور أو يطالب به، ليقوم المتحدث الرسمي بالتقليل من تلك المطالبات ومن طالبيها في استفزاز متعمد لا منطقي. الغريب أن ترتضي الإدارة بمتحدثٍ رسمي - لا ننكر عليه خبرته وتمرسه في المجال إطلاقاً - لكنه لا يلقى القبول ممن يراد منه مخاطبتهم! والأغرب من ذلك أن تعترف الإدارة بأخطاء متعددة وقع فيها المركز الإعلامي سببت لها الكثير من الإحراج، وتأبى أن تعيد تشكيله خوفاً من اتهامها بالرضوخ لآراء الجمهور بدلاً من أن تفتخر بكونها تمتلك أذناً صاغية لمتطلبات من تزعم أنها أتت لخدمتهم وبأن المصلحة العامة للمنظومة الزرقاء يجب أن تكون على وفاق تام بعيداً عن الأشخاص والعلاقات الشخصية.
ونتيجة لذلك التعنت غير المبرر، تزداد الهوة اتساعاً، ويبتعد المشجع شيئاً فشيئاً عن ناديه الذي لم يعد يرى له دوراً فاعلاً أو مؤثراً في نظر إدارة فريقه. ما يحصل الآن هو خرق صريح لكل ما اعتاد عليه البيت الأزرق، والتجاهل المرعب لما يراه الجمهور من تغييرات في الإدارة أو للاعبين أو حتى في منظومة النادي بشكل عام لا يصب في أي مصلحة كانت.
لم ولن نطالب أن تكون الإدارة مجرد صدى لما يطلبه الجمهور، ولكن ما نطالب به ويجب على الإدارة أن تعيه أن سلخ الجمهور تماماً من المنظومة هو هدم حقيقي لعملها هي بالذات. لذلك إن استمر ذلك التعنت والرضى بالقليل من المحبين والداعمين والمدافعين، فلترضى الإدارة بقليل من الإنجازات والحد الأدنى من النجاحات الهامشية.
فكبير القوم لم يعتد أن يختلس النظرات من بين أكتاف منافسيه ليحصل على نظرة خاطفة لقمّةٍ اعتاد التربع عليها.
المعادلة بسيطة جداً، أعيدوا للهلال نبضه وجمهوره ليعود الهلال وتعودوا لقلوبهم.
خاتمة:
لا يذهبنَّ بك التفريط منتظراً
طول الأناة ولا يطمع بك العَجَلُ
فقد يزيد السؤال المرءَ تجربةً
ويستريح إلى الأخبار من يسلُ
(أمية بن أبي الصلت)