م .عبد المحسن بن عبد الله الماضي
1. أقبلي حبيبتي فقد حلَّ فصل الربيع من حياتنا.. وأزهرت أشجاره وتفتحت وروده وأينعت ثماره.. هيا لنسير معاً على درب الحياة.. نصعد الروابي ونصل للأعالي.. ونستفيد من شبابنا وحماسنا في حرث أرضنا وبذرها وسقياها.. هيا حبيبتي لنكون كرماء مع الطيور.. نطعمها بعض بذرنا ونشركها في بعض محصولنا.. هيا يا حبيبتي ليكون كل منا سنداً وعضداً وكتفاً وحضناً للآخر حتى نبني بيتنا ونجهز لمستقبلنا في صيفه وخريفه وشتائه.
2. ها هو الصيف أقبل يا حبيبتي وها هي محاصيلنا قد نضجت.. فتعالي يا شريكتي لنقطف ثمارنا ونجني محصولنا ونكنزه ونحميه من التلف.. ثم تعالي لنصنع منه كل ما لذ وطاب مما يجلب السعادة والنماء والخير لنا وللجميع.. نعم يا حبيبتي فإن جِدَّنا واجتهادنا في هذا الصيف سينفعنا في قادم أيامنا.. فلا تجزعي من انشغالي عنكِ لبعض الوقت وشجعيني بمشاركتك لي في حرثي وبذري وركضي باندفاع.. أشعر بالقلق كأنّ الريح تحتي.. لا أحد يصفح عني لأنه يحبني إلاّ أنتِ.
3. آه يا حبيبتي إنه الخريف قد حل.. ما أسرع ما يأتي هذا الخريف.. والله لكأننا بالأمس قد استقبلنا ربيع عمرنا وها نحن في مُقْتَبَل خريفه.. نعم لقد تعلمنا حكمة الأجيال.. وهذا ما زاد من خوفنا وحرصنا واهتمامنا بمحصولنا الذي يساوي في عقولنا وقلوبنا حصاد عمرنا.. يا لهذا الخريف.. إنه يثير الشجن فقد مضى من العمر أكثر مما بقي.. وبدأت تصفر بعض أوراقنا وتجف بعض أنهارنا ويضعف جريان الماء في جداولنا وتحوّل صفير الهواء من حولنا إلى فحيح.. نعم لم نعد كما كنا.. وبدأنا نودع عنفوان الربيع وأنس الصيف ونستقبل عبوس الخريف ووحشته.. نودع ما فات بدهشة المفاجأة ونستقبل القادم بخشية الواقع والمتوقع.
4. أما وقد أقبل شتاء العمر فتعالي حبيبتي ويا شريكة عمري.. فلم يَعُد لنا غير أنفسنا.