فهد بن جليد
أتوقع أن سائقي المركبات (من سن 30 سنة فما فوق) أكثر احتراماً (لسيارة الإسعاف) من معظم السائقين الشباب، الذين يتفننون في اللحاق بها، والاستفادة من مرورها وسط الزحام لفتح الطريق وتسهيل عبورهم، دون أي مشاعر إنسانية حول (الحالة الإسعافية) التي تباشرها!
ربما لأن جيل الطيبين (النسخة الثالثة) عاصر وتأثر بالبرنامج الخليجي الشهير (سلامتك)، الذي كان يوضح للمشاهدين قبل أكثر من عقدين من الزمن أن لسيارة الإسعاف أهمية كبرى لإنقاذ الأرواح؛ لذا يجب التعامل مع منبهها (بالجدية اللازمة)، وهو الأمر الذي لا يفقهه الكثير من جيل (البلايستيشن) الذي تربى على سباق سيارات الإسعاف، وإطلاق النار على الممرضات، ومحاولة تعطيلها، والاصطدام بها، وغيرها من (صور الأكشن) المرافقة لسيارة الإسعاف في الألعاب الحديثة!
هل تعلم أن مركز اتصالات الإسعاف في القاهرة يتلقى يومياً نحو (86 ألف مكالمة)؟! للأسف التقارير تتحدث عن أن عدد الاتصالات الجادة التي تحتاج إلى مساعدة وفرق طبية فعلاً لا تتجاوز الـ(5 آلاف اتصال) فقط؟!
بينما الـ81 ألف اتصال الأخرى إما للإزعاج واللهو، أو أنها اتصالات خاطئة. ولأن الروح المصرية فكاهية ونكاتية بطبعها، تتحدث العديد من موظفات استقبال المكالمات أنهن بالفعل يستقبلن يومياً الآلاف من الاتصالات المزعجة، فقط (لدق الحنك) والسواليف!
في مجتمعنا خرج (طفيليون جدد) لتعطيل سيارات الإسعاف. هؤلاء ليسوا (مواطنين)؛ إذ يتسابق بعض (العمال المقيمين) للتجمهر حول حوادث الطرق، وخصوصاً تلك التي تقع على طريق عودتهم (مساءً). لا أعرف ما هو السر في تغير سلوك هؤلاء؟ ربما أنهم اكتسبوا هذه الثقافة من (سائقي المركبات السعوديين). لا يمكنني الجزم بذلك؟!
اللافت أن منظر وقوف سيارة محملة (بدرزن عمال) على الجهة اليمنى، وعبورهم الشارع للجهة اليسرى من أجل (معاينة حادث)، والتحولق حوله، أصبح ملاحَظاً؛ ما يترك أكثر من علامة استفهام؟!
في مصر تم وضع مركز أولي لفصل (الاتصالات المزعجة) قبل تحويلها لمركز الإسعاف؛ لذلك تتسبب مثل هذه الإجراءات والعوائق في تأخير وصول سيارة الإسعاف، وربما كان هناك عدم رضا عن خدمات (الفرق الإسعافية)، ولكن كيف يمكن أن نعلق على مشاركة (بعض المقيمين) هذه المرة في تعطيل الفرق الإسعافية في شوارعنا؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.